العامية لغتنا الرسمية وإن طال الزمن!!

بعد النسيان
بعد النسيان

الأحد - 18 ديسمبر 2016

Sun - 18 Dec 2016

يسل (عيسى جرابا) سيفه ـ وهو الشاعر (المُفْلِق) باللغة المحنطة باسم (الفصحى)، و(امْشاعر امْرائع) باللغة (الحِمْيَرِيَّة)، التي ما زالت تقطر حلاوة في اللسان الجنوبي؛ رغم أنها أقدم من لغة القوالب البالية ـ ويقول في قصيدة بعنوان: (ستبقى حية):

الضاد ليست أحرفًا عربية ** لكنها دينٌ ورمزُ هُوِيَّة!!

الله شرفها بحمل كلامه ** فإذا بها أم اللغات الحية!!



ولولا أن الشعراء يقولون ما لا يتحملون مسؤوليته؛ لكنا اليوم جميعًا بلا دينٍ ولا هوية؛ على اعتبار أنه يقصد اللغة (الفصحى) التي يتوعدنا بقوله في ختام قصيدته: «فبغيركم وبكم ستبقى حية»؛ أجل.. كحية (موسى) تأكل كل ما قدمناه لها منذ القرن الهجري الثاني!!

وإذا كان يقصد الأمم المتحدة، واليونسكو بقوله (فبغيركم)؛ فهل اللغة العربية هي أم اللغات فعلًا؟ يا عيسى اتق الله: هل ولدت اللاتينية بين يديك؟ أم ألْقَمْتَ ثدييها لليونانية؛ عملًا بفتوى (رضاعة الكبير)؟؟



أما لو كانت (الفصحى) هي الدين: فمن منا اليوم يتمسك بها؛ إلا تحقيقًا لقوله تعالى: (وَقَالَ الرَّسُولُ يَا رَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَٰذَا الْقُرْآنَ مَهْجُورًا)!!

ولكنه صادق في كون اللغة (الحية) هي رمز الهوية ـ بل هي الهوية لأي شعب ـ فما هي هوية الشعب السعودي بالذات؟ هل هي فصحى (سيبويه)؟ أم محكية (خلف بن هذال)؟ أم هي هذه «اللكنة السُّوقية الغجرية» ـ حسب (عيسى) ما غيره ـ التي نكسرها، وندشدشها، ونسحق عظامها للتفاهم مع إخواننا السائقين والخدم، الوافدين من شعوب أقل منا مالًا وعلمًا وحضارة؛ حسب نظام الكفيل؟ بينما نتفاهم مع القادمين من كواكب أوروبا باللغة الإنجليزية، التي نمشي على (بيضها) ولا نفقِّسه حتى في مجلس الشورى!! فيما لا يخجل حتى بعض كبار المسؤولين، والمثقفين العرب من تمزيق ثياب (أمهم)، وإهانتها، على الملأ!!



ومن ناحية أخرى؛ فلقد توجهنا إلى شاعرٍ آخر وغاوٍ في الوقت نفسه، هو معالي أمين مركز الملك عبدالله (العالمي) لخدمة اللغة العربية (الفصحى فقط) الدكتور (عبدالله الوشمي)، بـ(قيافة) نشرتها مجلة (اليمامة) في(24/11/2016) بعنوان: (لغتنا قبرٌ مقدَّس في حديقة عامة صاخبة)! وناشدناه الاعتراف ببقية اللغات، وخدمتها، كما خُدمت (الإنجليزية) وكانت إلى (1755) لكنة سوقية غجرية!! وهي اليوم لغة العالم الأولى، والأخيرة، و(النص نص)!! و(شكسبير) أشعر بها من كل شعرائنا (المتفصحنين)!!