إمتاع النفس

الخميس - 15 ديسمبر 2016

Thu - 15 Dec 2016

لا بد للنفس من البحث عن الرواح والراحة والاستمتاع، وعن الأسباب الموفرة لذلك، فالنفوس والقلوب تكل وتتعب كما تكل الأبدان، ولهذا يقول الحبيب المصطفى عليه الصلاة والسلام: روحوا عن القلوب ساعة بعد ساعة فإن القلوب إذا كلت عميت.



وهنا نذكر بعض أسباب إمتاع النفس وراحتها والتي تفتح أمامها آفاق السعادة والإنتاج والإبداع إثر تلك الراحة، أولا الترحال والسفر والتنقل من أجل الترفيه والاستمتاع والتنزه والتسلية والسياحة في أرض الله الواسعة، فإن في ذلك فوائد جمة من تفريج للهم، واكتساب للمعيشة، والتعرف على الآداب والعلم بمعارف البلاد التي تزار، ومعرفة معادن الناس، ولا سيما من كان بصحبتي في سفري وترحالي.



وكم كانت لنا ذكريات في هذا الباب مع الأصدقاء في كثير من سفرياتنا في دول شتى، فكانوا خير معين بعد الله تعالى على عناء السفر ومشقته، فبهم كانت متعة النفس وراحة الخاطر.



وثانيا، من الأسباب الماتعة للنفس والروح والتي تجعلك تعيش أريحية قلّ مثيلها متعة القراءة، ففي حضرة الكتاب لا تشعر بمرور الوقت، ويطغى عليك إحساس يجعلك تعيش في عالم آخر، بحيث تسرح في جو مختلف يغبطك عليه علية القوم. أتذكر أنني قرأت في أحد الكتب أن أحد العلماء وهو يبحث ويطالع في الكتب وصل إلى حد النشوة في القراءة حتى قام من مكانه وصرخ، أين القادة، أين السلاطين عن هذه المتعة؟!



ونبقى مع سبب ثالث وأخير حتى لا نطيل على القارئ الكريم، وهو المتعة التي تفوق كل متع الدنيا ألا وهي متعة القرب من المولى الكريم، إنها العبادة التي تمثل لذة مناجاة الله تبارك وتعالى، لذة محبته في القلوب، فعندما تقف بين يديه تنسى كل الوجود وتتذكره وتقبل بوجهك عليه سبحانه، هذه المتعة هي سر الوجود (وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون).



يقول محمد راتب النابلسي «العبادة طاعة طوعية ممزوجة بمحبة قلبية، أساسها معرفة يقينية، تفضي إلى سعادة أبدية».



فإمتاع النفس وإجلاء النظر ليس فقط بالماء والخضرة والوجه الحسن، إنما فيما عداها كثير مما يطبع النفس على الإمتاع والمؤانسة، فلا تنس نصيبك من العبادة والقراءة والترحال فإن فيها سبيلا إلى ذلك.