محمد العوفي

صلاحيات مجلس الشورى بين الواقع والمأمول

الخميس - 15 ديسمبر 2016

Thu - 15 Dec 2016

أمام مجلس الشورى في دورته الجديدة التي افتتحها خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز – حفظه الله - الأربعاء الماضي فرصة كبرى لتحسين الصورة الذهنية للمجلس لدى المواطنين، والفرصة مهيأة له في هذا الوقت أكثر من أي وقت مضى، شريطة أن يسعى المجلس إلى ذلك لا أن يتنظر أن تقدمه له الحكومة، وأن يسعى للحصول على مزيد من الصلاحيات والأدوار التي يفترض أن يقوم بها أي برلمان في العالم، ولا سيما أن الحكومة تعول كثيرا على دوره الذي وصفته بالرأي السديد.



ولا أعتقد أن تطوير نظام مجلس الشورى وتفعيل دوره شيء صعب ومستحيل، ولن تمانع الحكومة في منحه مزيدا من الصلاحيات، وتوسيع دوره الرقابي، لكن ذلك يتوقف على ما يريد المجلس لنفسه، وأين يريد أن يكون بعد أربع سنوات، والذي يبدو أن المجلس مقتنع بدوره الحالي، ولا يرغب في تطوير نظامه وتفعيل أكبر لدوره. ولعل ما ذكره رئيس مجلس الشورى يؤكد ذلك حينما قال إن الممارسة الشورية السعودية في عهدها الحالي هي تجربة حديثة نوعا ما، وهي تخضع للتقييم والتطوير لتواكب حاجات المجتمع ومتطلباته.



ومن جملة ما ذكره لصحيفة سبق، أن المجلس سيناقش الميزانية العامة للمملكة في الوقت المناسب الذي يراه ولي الأمر، وأن ولي الأمر لن يتأخر في إحالة الميزانية للمجلس متى رأى الوقت مناسبا ويحقق المصلحة العامة، لافتا إلى أن المجلس بصفة عامة يناقش ضمنا ميزانية كل جهة حكومية على حدة أثناء مناقشة تقرير أدائها السنوي، ويبدي ملحوظاته على جوانب الصرف المالي، أو يشيد بمدى تحقق أهداف الجهة.



ويبدو مما سبق أن أداء المجلس لن يشهد كثيرا من التطور في المرحلة القادمة، وأن المجلس لن يسعى لتوسيع صلاحياته، والحصول على مزيد من الأدوار في المرحلة المقبلة، وأنه سينتظر ما يمكن أن تقدمه له الحكومة من صلاحيات، في حين أن المفترض أن يتقدم المجلس للحكومة بمقترحات لتطوير نظامه وتفعيل أكبر لدوره، ليلعب دورا أكبر في صنع السياسات العامة وخطط التنمية، ويمارس دورا تشريعيا أكبر في اقتراح أنظمة جديدة أو تعديل أنظمة قائمة، وعلاوة على توسيع دوره الرقابي وإبداء ملاحظاته حيال ميزانيات الدولة والسياسات المالية والاقتصادية.



وما دام أن المجلس لن يسعى إلى طلب توسيع صلاحياته كما فهمت من تصريح رئيس المجلس؛ فإن عليه - في أسوأ الأحوال - أن يقوم بهيكلة شاملة لا تقتصر على إعادة تشكيل اللجان ومسمياتها وأعضائها في لجانها وعملها، بل تتجاوزها إلى حضور فعلي في قضايا الشارع السعودي تحليلا ودراسة ومشاركة، وسرعة في إنجاز الدراسات والتقارير ذات العلاقة بالقضايا الرئيسة.



كما أن عليه الابتعاد عن النهج التقليدي السابق الذي أضر بسمعة المجلس أكثر من نفعها، وأن يسعى إلى ترتيب أولوياته وفق متطلبات المرحلة الحالية لتلافي الانتقادات التي وجهت للدورات السابقة، ليعود صوتا يدافع عن حقوق المواطنين أمام الجهات التنفيذية من خلال استطلاع آراء شريحة من المواطنين، ومعرفة آرائهم تجاه المسائل الحساسة قبل أن يقرر الأعضاء مواقفهم بشأنها، لعلها تسهم في استعادة ثقة المواطن في المجلس التي فقدت في الدورات السابقة، وتقليص الهوة بين المواطن والمجلس.



[email protected]