فاتن محمد حسين

حقا.. إن خليجنا واحد

الاثنين - 12 ديسمبر 2016

Mon - 12 Dec 2016

لقد كانت الزيارة التاريخية التي قام بها خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز - حفظه الله - إلى المنطقة الشرقية انطلاقة لزيارات تاريخية أخرى على امتداد ثرى الخليج العربي وشواطئه، حيث افتتح في ذلك اليوم التاريخي الخميس 2 ربيع الأول 1438هـ مشروعات نفطية عملاقة بلغت قيمتها أكثر من 160 مليار ريال لتحقيق الرؤية الوطنية 2030م وتخفيض نسبة العجز في الموازنة القادمة لتكون صرحا للإصلاح الاقتصادي. كما افتتح مركزا ثقافيا عالميا ليكون نواة لإدارة المعرفة والثقافة والعلم. ودشن معرض روائع الآثار وطرق التجارة ليروي للعالم قصة حضارة أمة امتدت جذورها في عمق التاريخ.



لم تكن تلك الخطوة سوى الأولى حتى يتابع -حفظه الله- مسيرته نحو شواطئ الخليج في كيانات تربطنا معهم روابط الأخوة بأجمل مكوناتها ومكنوناتها وهي ليست الجغرافية والتاريخ فقط بل: الدين، والدم، واللغة، والمصير المشترك.. ليصل إلى دولة الإمارات ويشارك في احتفالاتها (باليوم الوطني 45) ليقول لهم: إن أفراحكم هي أفراحنا وفخركم بإنجازاتكم هو فخرنا.. إذ لم يكن من السهل توحيد تلك القبائل المتناحرة في صحراء شاسعة إلى دولة حضارية في اتحاد متناسق سميت «الإمارات العربية المتحدة» لتمضي في خطى ثابتة راسخة نحو تحقيق الرخاء والازدهار لمواطنيها ولتصبح دولة يشار إليها بالبنان.. وقد شاركت المملكة بإعلامها وشعبها هذه الفرحة.. وحظي سلمان الخير بتكريم استثنائي.. وتناولت وسائل إعلامهم تقارير عن روابط الصداقة ومتانة العلاقات بين الشعبين والحكومتين السعودية والإماراتية، حيث أبهرهم سلمان الخير بمعلوماته التاريخية عند زيارته للبيت التراثي ولمتحف (ساروق الحديد) والآثار التاريخية بها.



وفي محطته الخليجية الثالثة يصل سلمان المحبة والسلام إلى دولة قطر ليحاط بعناية واحتفال من طراز خاص؛ فالخيول العربية الأصيلة تزفه، والشعب يهتف بكل شوارعه وطرقاته فرحة بالقدوم الميمون. بل ويقلد سيفا تذكاريا وهو سيف المؤسس (جاسم بن محمد آل ثاني ) تقديرا ووفاء من دولة قطر بقائد العروبة.



ثم وصل مطاف الخير في رحلة سلمان العزم والحزم إلى دولة البحرين بمناسبة انعقاد الدورة 37 لمجلس التعاون الخليجي يوم الأربعاء 9 ربيع الأول 1438هـ. والتي جاءت في وقت أشد ما تكون فيه الأمة إلى اجتماع الكلمة، ووحدة الصف، وتدعيم التكتل السياسي، والاقتصادي، والعسكري لمواجهة التحديات الراهنة التي تحدق بالأمة.. فكانت القمة الخليجية برؤى واستراتيجيات متوازنة لتعلن للعالم: إن أي استهداف ومطامع خارجية لأي دولة فيها هو استهداف للكل.. ما أروع الاتحاد.. إنه القوة التي جاءت بها الشريعة الإسلامية، حيث قال تعالى: «واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا...» وكما قال الشاعر... « تأبى الرماح إذا اجتمعن تكسرا..»



.. نعم إنها الرسالة التي يريد إيصالها حكام الخليج للعالم، إن وحدة هذه الأوطان وتكاملها واتحادها هو سر قوتها لمواجهة التحديات.



وقد كان لحضور ضيف الشرف للمؤتمر- رئيسة وزراء بريطانيا تريزا ماي- دور كبير في إبراز التحديات التي تشهدها المنطقة والعالم.. وأبرزها الإرهاب الدولي وكيفية القضاء عليه، وأن للمملكة العربية السعودية دورا محوريا في القضاء على الإرهاب، بل إنها أبلغت بريطانيا بآلاف العمليات الإرهابية التي تم إحباطها. كما أكدت على عمق العلاقات التاريخية بين بريطانيا والخليج.. وأن أمن الخليج هو من أمن بريطانيا. وأطلقت شراكة استراتيجية بين دول مجلس التعاون والمملكة المتحدة لتعزيز العلاقات في كافة المجالات السياسية والدفاعية والأمنية والتجارية.. وهي رسالة قوية للعالم أن هناك أصدقاء أوفياء لهذه المنطقة.



وبعد القمة الخليجية انطلقت الزيارة الرسمية التاريخية للبحرين حيث عمت البلاد الاحتفالات والفرحة بضيف البلاد الاستثنائي، وقلده ملك البحرين حمد بن عيسى آل خليفة وسام (الشيخ عيسى بن سلمان آل خليفة) من الدرجة الممتازة وهي هدية رمزية تقديرا لخادم الحرمين الشريفين وجهوده في استقرار منطقة الخليج والعالم.. كما قلده (السيف الأجرب) وهو السيف الذي يوثق للعلاقات والروابط بين الأشقاء منذ قرن ونصف من الزمان حيث تنقل بين عدة ملوك من البحرين والسعودية.



وفي محطته الأخيرة يصل سلمان الخير إلى الكويت؛ امتداد الأرض، والتاريخ والمساندة، والعضد القوي في المحن فيقلد (قلادة مبارك الكبير) عرفانا وتقديرا لحكام السعودية على امتداد التاريخ في دعم الكويت.



وفي كل تلك الرحلات كان الاحتفاء مسيجا بتراث وثقافة الجزيرة العربية وخليجها؛ من القصائد الشعرية المتبادلة بين الشعراء الذين ألهبتهم المواقف والأحداث فجاء شعرهم متدفقا من بين جوانحهم إلى قلوب قادتهم، وجاءت الرقصات التراثية والفنون الغنائية الخليجية لتعبر عن الموروث الثقافي الفني لدول الخليج وشارك بها الشعوب والحكام قلبا وقالبا. إنه الحب والولاء لأوطان الخليج قاعدة صلبة أرسى دعائمها الآباء والأجداد ويعزز متانتها ويحافظ عليها الأبناء لأنها الرؤية الاستراتيجية الأولى في أن خليجنا واحد.