النصيحة.. كفانا الله أمثال هؤلاء

الأربعاء - 07 ديسمبر 2016

Wed - 07 Dec 2016

المؤمنون إخوة، والمسلمون شقائق بعضهم، ورابط الأخوة يوجب عليهم أن يحب المؤمن لأخيه ما يحب لنفسه.



ولكن تجد من هو مهووس بإسداء النصائح التي تعد جزءا أصيلا من تركيبة الإنسان الفضولي الساعي إلى ممارسة السيادة والفوقية، يحب تقديمها للآخرين لكنه لا يحب الاستماع إلى نصائحهم، ولا يألو جهدا في ممارسة هوايته القضائية ومحاكمتهم على تقصيرهم وأخطائهم حتى وإن ارتكبوها سترا جوف الليل، ولا يريد من أحد أن يحاكمه على أخطائه حتى وإن عملها في وضح النهار، أمام مرأى ومسمع من الجميع، وإرادته النرجسية ليست طمعا في تحسين خلق أو تقويم اعوجاج أو إخفاء علة ظاهرة أو حماية للمخطئين من تكرار أخطائهم، وإنما رغبة في ادعاء علم يريد إطلاع الآخرين عليه، وإظهار تقوى ليس من أهلها، وهو حريص دائما على ألا يخطئ المخطئون إلا أمامه لتكون الفرصة مواتية تسنح له أن يعرض ما لديه من علم يشيد به الآخرون، ويصفق له الهاتفون، ويغرد به المغردون.



التغافل أحد فنون النصيحة المعزوف عنها، وتكرار النصيحة وترديدها واستحضارها عند كل خطأ ينفر الآخرين منها ويشجعهم على رفضها عنادا حتى لو آمنوا بسلامة مضمونها.



على الناصح أن يدرك أن النصيحة دواء لسلوك غير محبب يرجى استئصاله ومداواته، ولا حاجة لها إن كان يترتب عليها مفسدة أو مكابرة أو استحداث سلوك أكثر سوءا، فالجهل والعجلة والطيش صفات لا تليق بطالب العلم الذي عليه أن يتحلى بالوقار والرزانة والإقناع ليكون محظيا مقبولا، وعليه أن يكون حذرا من نصح الآخرين في جمهرة فهم أدعى لردها والعمل بضدها.



وعلى المخطئ ألا يقبل توبيخا يفتقر لأدبيات النصح يتشكل على هيئة النصيحة يطل به الناصح إطلالة البطل الذي لا يخشى لوم اللائمين، فالنصيحة ليست عصا غليظة يهوي بها الناصح على رأس المخطئ ليلزمه بتنفيذها، بل هي منحة يقدمها ويقدم معها خياري القبول والرفض، وكفى الله المؤمنين شر النصيحة.