فاتن محمد حسين

الرسملة.. وخصائص مؤسسات الطوافة

مكيون
مكيون

الاثنين - 05 ديسمبر 2016

Mon - 05 Dec 2016

أثار القراران اللذان أصدرهما معالي وزير الحج السابق وهما: رقم 68070 بتاريخ 23/‏‏2/‏‏1436هـ، وكذلك القرار رقم 68072 بتاريخ 24/‏‏2/‏‏1436هـ الخاصان بإلغاء المبلغ المقطوع وأسهم المحرومين، واعتماد الرسملة المقدمة من المكتب المحاسبي الدكتور محمد فداء الدين بهجت (الذي ليس لديه خبرة أو إلمام بأصول وتاريخ مهنة الطوافة)، الكثير من البلبلة في أوساط أرباب الطوائف، ولكن لا بد أن يعلم الجميع أن قرار مجلس الوزراء الموقر رقم: 347 وتاريخ 26/‏‏6/‏‏1385هـ ينص على أن «وزير الحج هو المرجع في كل ما يتعلق بأمور الطوائف وهيئاتها وإداراتها وحل مشاكلها...»، ولم يعط هذا القرار وزير الحج صلاحية اتخاذ قرارات مناقضة لمصالح أرباب الطوائف أو تثير مشاكل تتعلق بطبيعة وعادات وتاريخ المهنة.



بناء على ذلك فإن حقوق أرباب الطوائف في الاحتياطات هي ثابتة لأنهم هم الملاك الحقيقيون لتلك الاحتياطات. من المؤسف جدا أن نجد وزارة الحج والعمرة لا تصغي إلى رفض أرباب الطوائف لقرار تطبيق دراسة المكتب المحاسبي في حد ذاته، ليس ذلك فحسب، بل من المخيب للآمال أن نجد بعضا من أعضاء الهيئة التنسيقية قد وقع على قرار وزير الحج والعمرة على الرغم من أنهم غير مخولين بالتوقيع، ولا مفوضين من أفراد الجمعية العمومية. وفي المقابل هناك ذهول من موقف وزارة الحج والعمرة من دراسة علمية مقدمة من أحد خبراء أرباب الطوائف في المجال، وهو سعادة الدكتور طارق كوشك الاقتصادي المصنف رقم 21 عالميا في نظرية الميزانية العامة للدولة التي أخذت بها شكلا وتم تجاهلها مضمونا.



لقد كان يفترض أن تعقد جمعية عمومية لأخذ آراء أصحاب الشأن، ولكن مرة أخرى تم تجاهل قرارات الجمعيات العمومية لأسباب لم توضح لأصحاب الشأن حتى الآن! بل على النقيض من ذلك تم الاجتماع بمجالس الإدارات في (حياة بارك) مرة أخرى مساء الخميس الموافق 14/‏‏2/‏‏1437هـ لمناقشة الدراسات المقدمة حول الرسملة ولم يتم التوصل إلى نتيجة حاسمة!، ثم جاء عهد الوزير الدكتور محمد صالح بنتن الذي توسمنا فيه خيرا بنقلة نوعية في الخدمات، وأيضا في حلول جذرية لتلك الموضوعات الشائكة التي تخص أرباب الطوائف، وبالفعل تم الاجتماع أيضا بمجالس الإدارات وبعض الخبراء في مجال الطوافة مساء السبت 28/‏‏1/‏‏1438هـ، وعرضت أربع أوراق عمل، ولكن – للأسف - لم يؤخذ بها وتم تأجيل الموضوع إلى الانتهاء من دراسة المكتب المحاسبي!.



السؤال الذي قد يتردد على أذهان الكثيرين: لماذا يرفض أرباب الطوائف (الرسملة) حسب مقترح المكتب المحاسبي؟ والإجابة بسيطة لأن المكتب المحاسبي يعتمد على رسملة الشركات التي لديها رؤوس أموال خاصة واستثمارات تحولها إلى رأسمال وشركات مساهمة تتبع للقطاع الخاص، أما مؤسسات الطوافة، وكما أسماها الخبير الاقتصادي الدكتور طارق كوشك «قطاع ثالث»Third section organization، كما تختلف هذه المؤسسات عن القطاع الخاص، كونها لا تعمل على تحقيق أقصى ربح ممكن ولكنها تقوم على تقديم أفضل الخدمات مع تحقيق إيرادات مقبولة، كما أن للقطاع الخاص حرية كبيرة في التسعيرة للخدمات، بينما مؤسسات الطوافة لا تملك زيادة التسعيرة للخدمات، والتي حددت قبل أكثر من ثلاثين عاما ولم تتغير حتى الآن! ويستطيع القطاع الخاص التسويق لمنتجاته لمختلف العملاء بينما المؤسسات لا تستطيع التسويق، لأن العملاء محددون بفئات دولية محددة من الدولة، ولو أدخل أي شخص أو عميل مقيم أو سعودي لسجلت عليه مخالفة وربما يوقف عن العمل، لن أدخل في مشكلات تفتت الأسهم بموجب هذه (الرسملة) من المكتب المحاسبي، والتي قد يصل فيها الفرد إلى (1/‏‏8 من السهم) الواحد، وغيرها من المشكلات مثل الوراثة وتداول الأسهم.



إنني أطالب بأخذ آراء أهل الخبرة والاختصاص من أرباب الطوائف في الجمعيات العمومية وألا يسمح بأخذ قرار من رؤساء المجالس فقط، لأن هذا الإجراء ربما يؤدي إلى ملاحقة قانونية من الجمعيات العمومية ضد رئيس مجلس الإدارة، كما لا بد لأي (رسملة) أن تساعد على الاستثمار وتنمية العوائد التي ظلت محدودة جدا في ظل ارتفاع الأسعار، مع ضرورة إعطاء المطوفات حقوقهن أحياء وأمواتا، وأن تكون متوافقة مع الأنظمة واللوائح التنظيمية الصادرة عن وزارة الحج والعمرة، ونظام المطوفين العام، والعرف السائد في المهنة، وأن تكون وفق قرار مجلس الوزراء رقم 81 بتاريخ 7/‏‏3/‏‏1428هـ القاضي بتثبيت مؤسسات الطوائف بمسمياتها الحالية، وكما جاء في البند ثانيا: «الاستمرار في توريث ممارسة المهنة وفق ضوابط ومعايير محددة».



إن السؤال الذي يجعل الحليم حيران هو: لماذا ترفض وزارة الحج جميع الدراسات المقدمة من الخبراء الاقتصاديين في الطوافة، وتصر على دراسة المكتب المحاسبي؟ وما هي المسوغات الشرعية والاجتماعية والاقتصادية والقانونية التي تستند عليها في قبول تلك الدراسة المزعومة دون غيرها؟ يا ليتنا نسمع الجواب الشافي من مقام الوزارة.