الجذور الإسلامية في علم الصيدلة

الاثنين - 05 ديسمبر 2016

Mon - 05 Dec 2016

"المحترف هو المتخصص في مجموعات مركبات الأدوية، واختيار الأفضل والأبسط من بين كل مركب. وإعداد العلاجات الجديدة باتباع أساليب وتقنيات أكثر دقة حسبما يوصي خبراء فنون الشفاء". أبو الريحان البيروني عام 1045م.



يوضح الاقتباس السابق تعريف البيروني لما نسميه اليوم بالصيدلي، فهنالك جهد وعمل واضح لكثير من العلماء والكيميائيين والأطباء والباحثين من المسلمين على مدى بضعة قرون للوصول في النهاية إلى منهج علمي شامل لكل القواعد والإجراءات والتوقعات لما يمارس علميا اليوم، حسبما جاء في "1001Inventions".



حيث إن الطب في بداياته في الغرب أو الشرق على حد سواء يعتمد في المقام الأول على مزيج من الممارسات اليونانية والهندية والفارسية، ثم تفوقت الرومانية بشكل كبير.



انتشرت الكثير من النصوص حول الأدوية، والتي كان معظمها عبارة عن قوائم للنباتات والمعادن المختلفة.



في بداية القرن السابع ضعفت أوروبا وجزء من الشرق ثقافيا، مما هدد عددا من الإنجازات في العلوم الإنسانية والفكرية بالانقراض.



أعاد الإسلام التعطش للمعرفة من جديد والانفتاح على الاكتشافات، والتوسع فيما فقده العالم القديم.



انطلقت الممارسات الطبية من توجيه أحاديث الرسول محمد -صلى الله عليه وسلم - كما في قوله "ما أنزل الله من داء إلا وقد أنزل معه شفاء، علمه من علمه وجهله من جهله".



والذي فسره الأطباء بمسؤولية اكتشاف الأدوية، وعلاج الأمراض.



ظهر أحد أقدم الأساليب المنهجية للأدوية في دمشق، بعد نحو قرن من وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم.



ذكر المسلمون في كتبهم "الترياق" المضاد لسموم لدغات الثعابين والكلاب والعقارب، والتي كانت مسببا للقلق آنذاك.



ولم يكن الموت المفاجئ غريبا في ذلك العصر، وكان يعزى دائما إلى السم، مما أقنع قادة الدولة الأموية إلى دراسة السموم وكشف طرق علاجها، فعمل كثير من الكيميائيين في العهد الإسلامي المبكر في علم السموم.



كان الطبيب "ابن ثال" أحد أوائل الأطباء في هذا المجال، حيث شغل منصب طبيب الخليفة الأموي "معاوية" على الرغم من أنه مسيحي، وعرف "ابن ثال" بكونه الخيميائي البارز في الدراسة المنهجية للسموم والترياق.



واشتهر أيضا الطبيب والصيدلي المسيحي "أبوالحكم الدمشقي"، الذي خدم الخليفة الأموي الثاني يزيد.



واهتم كذلك ابن الخليفة خالد بن يزيد بالكيمياء، فوظف الفلاسفة اليونانيين الذين كانوا يعيشون في مصر، ومنحهم مكافآت جيدة بعد ترجمتهم كتبا باللغة اليونانية واللغة المصرية القديمة، في تخصصات الكيمياء والطب والفلك إلى اللغة العربية.



وجابر ابن حيان أول من استخدم الكيمياء عمليا في التاريخ.



وعلى الرغم من أن ترجمة الكتب العلمية من اليونانية والفارسية والهندية إلى العربية بدأت في عهد الخلافة الأموية، إلا أنها ازدهرت في العصر العباسي في بغداد في القرن التاسع.



شهدت بغداد توسعا سريعا في انتشار محلات الصيدلة التجارية الخاصة، ثم سرعان ما انتشرت إلى مدن إسلامية أخرى.



تفوق العالم حنين بن إسحاق وأصبح أحد أعظم المترجمين بفضل معرفته الفائقة باللغة السريانية واليونانية والعربية، فشملت أعماله كتبا كثيرة لأبقراط وجالينوس.



وكتب سابور بن سهل أول كتاب للوصفات الطبية في منتصف القرن التاسع، بعنوان: الأقراباذين.



وتضمن الكتاب الإجراءات الدوائية، والجرعات للأقراص، والمساحيق، والمراهم، والشراب.



يعود الفضل اليوم في وجود الصيدليات والأدوية إلى هذا الإرث الإسلامي، لأن نجاحات واكتشافات اليوم بنيت على جهود الكيميائيين والأطباء آنذاك.