هبة قاضي

لماذا يحب الغرب الدالاي لاما؟

دبس الرمان
دبس الرمان

الأحد - 04 ديسمبر 2016

Sun - 04 Dec 2016

كنت أشاهد إحدى حلقات (ماستر شيف أستراليا)، وهو أحد أشهر برامج مسابقات الطهي عالميا. حيث يتنافس مجموعة من المحترفين أو الهواة لنيل لقب ماستر شيف وما يصاحبه من مزايا وجوائز رائعة. المميز في هذه الحلقة أن المتسابقين يتنافسون لتقديم عشاء لذيذ للدالاي لاما الراهب والقائد الديني الأعلى للبوذيين، والذي اشتهر عالميا بدعوته للسلام والتأمل، وبمقولاته المليئة بالحكمة والتبصر من خلال كتبه ومحاضراته ونشاطاته الإنسانية على مستوى العالم. لكن المثير حقا للتفكر هو أن طاولة العشاء ضمت خبراء طهي من ديانات أخرى، وحين وصل الطعام تلا الدالاي لاما صلاته وأمن خلفه الباقون، ثم تلا الهندوسي واليهودية وأخيرا المسيحي صلاواتهم وأمن خلفهم الباقون.



كان من الواضح أن فكرة الحلقة تدور حول التنوع الثقافي والتعايش الديني والفكري، فحتى الأطباق التي طلب من المتسابقين تقديمها كانت متنوعة من جميع أنحاء العالم. وربما كانت الحلقة دلالة أو رمزية لدولة أستراليا نفسها، والتي يتألف سكانها من مزيج عرقي وديني يضم معظم شعوب العالم. رغم كل هذا فإن سؤالين قفزا إلى عقلي وأنا أشاهد البرنامج وأرى مدى الاحترام والتأثر الذي قوبل به الدالاي لاما. أما الأول فهو ما سر حب الغرب المسيحي الأصل والإلحادي النزعة لشخصية راهب يعتنق ديانة مليئة بالطقوس الوثنية الغريبة، وينتمي لدولة مهمشة وصغيرة في أقاصي الأرض، بل ويصر أن يرتدي رداءه الأحمر والأصفر الغريب في كل مكان. وأما السؤال الثاني فهو لماذا غابت الديانة الإسلامية عن طاولة التنوع والتعايش الثقافي؟ ولماذا يغيب المسلمون عن مثل هذه البرامج الشهيرة التي يشاهدها الملايين ولها تأثير قوي وفعال في تشكيل فكر الناس عن بلد معين أو ثقافة معينة؟



أما السؤال الأول فإجابته سهلة، فالدالاي لاما بشخصيته المرحة وابتسامته المشعة، بالإضافة لثقافته وحكمته وكتاباته التي تدعو للتأمل والسلام وتفكر الإنسان في نفسه وما حوله، قام بأقوى تسويق لـ»البوذية» التي وجد الناس فيها عمقا روحيا يفتقدونه في دياناتهم التي يصرخ أحبارها ورهبانها وشيوخها بالترهيب والوعيد والإجبار. فتملك قلوب الناس وكسب حبهم باختلاف انتماءاتهم ودياناتهم، بل وقد توجه الغرب وأيضا الشرق بكثافة في السنوات الأخيرة للديانة البوذية كملاذ للسلام والسكينة الروحية.



أما السؤال الثاني فيضعنا أمام مرآة تعكس للأسف مسلما متكبرا، إقصائيا، عامل الناس لعقود بفوقية وباعتبار أنه الصالح والباقي طالح، وها هو يدفع اليوم الثمن بأن أصبح صالحا في نظر نفسه فقط.



[email protected]