تعليم المهارات.. لم ينجح أحد!

الجمعة - 02 ديسمبر 2016

Fri - 02 Dec 2016

جاء في صحيفة عكاظ (الأربعاء 2 /2/ 1438) أن معالي وزير التعليم أحمد العيسى قال «إن خريج الثانوية العامة يفتقد المهارات الشخصية والمعرفية التي تساعده في مجالات الحياة. وإن دور المعلم يجب أن يرتكز على التيسير والإرشاد للطالب والطالبة بالتعلم عبر مصادر المختلفة»، وهذا التصريح يؤكد ما يتحدث عنه التربويون دائما أن التعليم الذي يتم في مدارسنا الآن يجب أن يصل إلى نقطة النهاية.



فالتعليم في العصر الحالي تغيرت هويته وطريقته وفكره، وتحول من تلقين المعلومة إلى تدريب وتأهيل لمهارات الحصول عليها، فالمعلومة متجددة والمهارة هي الباقية، ودور المعلم الذي قال عنه الوزير إنه يجب أن يركز على التيسير والإرشاد لم يجد الفرصة بين أكوام المعلومات التي يلقنها للطالب.



فاستمرار مدارسنا بهذا الشكل الرتيب الذي تسيطر «في غالبيته» المدرسة التقليدية لا يخدم وطنا يطمح للمستقبل، ولا يحقق رؤية تسعى أن تبني أمة، هذا الجيل الذي في قاعات الدراسة اليوم هو جيل 2030، ويجب أن نتعامل معه من هذا المنطلق، يجب أن نتخلص من التركة القديمة التي جعلت تعليمنا لا يصلح لأن ينتج العلماء ورواد الفضاء والساسة والأدباء، فيجب أن نتوقف هنا، ويجب أن نبدأ من هنا.



فالمدارس التي ما زالت تنتج كل عام طلابا يتزاحمون على مقاعد جامعية بحثا عن وظيفة حكومية، تهمل حاجات سوق العمل الحقيقية، وتستمر في تخريج أعداد لا حاجة للوطن بها فيزدحمون على أبواب «جدارة» و»حافز»، كل أولئك الأفراد لم يجدوا من يفتح عقولهم ويكشف قدراتهم ويصقل مهاراتهم ويوجههم التوجيه الصحيح، وضعوا في تعليم سلبي جعل من الطالب متلقيا للمعلومة فقط ومسترجعا إياها في اختبارات تقيس فقط الجانب المعرفي في شخصية الطالب، متجاهلة الجوانب الوجدانية والجوانب المهارية، والمحزن في الموضوع نفسه أن تسأل طالب الثانوية عن طموحاته المستقبلية، فتجده لا يضع شيئا في حسبانه، وتحاول أن تستكشف مواهبه أو هواياته فلا تجد، فتسأل نفسك: ماذا كان يُفعل بهذا الفرد طوال 12 عاما في المدرسة؟



إنك حين تشاهد الجيل الجديد يبدع في معرفة الرياضات أو الالكترونيات أو المحركات، لتدرك أن هذا الجيل يستحق أكثر، هذا التعليم لا يناسب أفكارهم وقدراتهم وطموحاتهم، وقد توقف عن العطاء منذ دخول الانترنت كل منزل، وأصبحت الفضائيات شريكا في التربية، وأضحت الأجهزة الذكية رفيقة لكل الأجيال؛ هذا التعليم الحالي توقف تماما هنا ووصل لنقطة الصفر في النمو، فاعتمد الجيل على غير المدرسة في تشكيل شخصياته، واتجه لغير المناهج في تربية مواهبه، واقتدى بغير المعلم كنماذج لحياته، هذا التعليم ما زال يقوم على الكتاب التقليدي في زمن الواقع المعزز، ويعتمد السبورة في زمن الشاشات الذكية و3D، ويقوم على معلمين ظُلِموا بإعداد غير كاف لتعليم حقيقي، هذا التعليم يسكت الطالب الذي يمكن أن يسمع العالم صوته من غرفته، وأوقف تفكيره على الحفظ وهو بإمكانه أن يخترق المواقع والشبكات الالكترونية.



وقبل أن يطالب الوزير المعلمين أن يغيروا أدوارهم، لا بد أن يطالب جميع العاملين في الوزارة بأن يغيروا وجهات نظرهم تجاه التعليم، وأن تكون البداية بهم في تغيير الفكر التقليدي والعمل على صناعة تعليم عصري ومنتج، ففي عصر المعرفة تكون الأدوار كبيرة على التعليم، ولزاما على وزارة التعليم أن تبدأ بنفسها ومن ثم توجد مشروعا وطنيا حقيقيا لتغيير التعليم وتطوير بيئاته والعاملين فيه ومناهجه وبرامجه برؤية عصرية ورسالة مجتمعية وأهداف مستقبلية بشكل يجعل منه المصنع لرأس المال البشري في رؤية السعودية 2030.