فاتن محمد حسين

رسملة الاحتياطات.. وصرف المستحقات

مكيون
مكيون

الاثنين - 28 نوفمبر 2016

Mon - 28 Nov 2016

ما زال أبناء مؤسسات أرباب الطوائف ينتظرون بفارغ الصبر صرف مستحقاتهم من 80% من الأسهم، حيث يرتبط أكثرهم بدفع إيجارات من بداية العام الهجري وهو ما يعطل مصالحهم الاقتصادية والاجتماعية. وهي لم تصرف رغم انقضاء شهر صفر وهو الموعد المحدد كل عام للصرف!



وقد تبين أن الوزارة قد أوقفت الصرف حتى الانتهاء من مشروع (الرسملة) الذي أوكلته لمكتب محمد فداء الدين بهجت بالرغم من الاعتراضات عليه من أبناء الطائفة من العام الماضي، ووجود دراسات مقننة من خبراء في مجال الطوافة! ونستغرب لماذا تضرب الوزارة عرض الحائط بتلك الدراسات التي استغرقت الكثير من الجهود والوقت لإنجازها وبما يتوافق مع أنظمة الطوافة!



كما أنها تصر على اعتماد دراسة المكتب المحاسبي محمد فداء الدين بهجت. وتقوم الرسملة فيها على نظرية تحويل الاحتياطات المتوفرة في مؤسسات الطوافة إلى رؤوس أموال تجارية تقسم إلى أسهم مالية، يتم توزيعها على منسوبي كل مؤسسة ذكورا وإناثا، بموجب معادلة افتراضية ويكون التوريث ماليا. وبموجب هذه النظرية فإنه يدخل إلى مهنة الطوافة - بالوراثة عن طريق الأم - أجانب ودخلاء من خلال أسهم المطوفة المتوفاة، وزوجها الذي يكون ربما غير سعودي، وهؤلاء سيرثون جزءا من الأسهم المالية في المؤسسة، وبالتالي دخولهم في الجمعيات العمومية والتصويت على القرارات المالية، وهو الأمر الذي يتعارض مع رغبة الدولة في الإشراف على أعمال الحج، طبقا لنص المادة (رقم 91) في نظام المطوفين الصادرة عام 1367هـ، التي تنص على أن "يشترط في الوراثة أن يكون الوارث من أفراد الطائفة وإلا فلا يحق له إلا بإنعام ملكي".



كما أن الرسملة التي يقوم بها المكتب المحاسبي تستثني أبناء المحرومين، وهم الذين توفي والدهم في حياة جدهم والذين أعطوا 100 سهم، توزع توزيعا شرعيا بينهم. كما أنها تلغي السقف الموحد (المبلغ المقطوع) الذي يوازن ما بين من أسهمهم عالية، وفقراء المطوفين والمطوفات، وهو توزيع يحقق التكافل الاجتماعي بين أبناء الطائفة، حيث صدر قرار وزير الحج والعمرة رقم س/197/419/ب/ح في 26 /2 /1419هـ بأن يقسم صافي الدخل إلى نوعين: الأول حسب الأسهم، والثاني: يوزع بالتساوي بين جميع المساهمين.



إن اعتماد الرسملة بتلك الطريقة سيزيد من فاقة فقراء المطوفين وهو يتنافى مع رؤية المملكة 2030 التي تولي القطاع الخاص المسؤولية الاجتماعية الكاملة في التكافل والتنمية الاجتماعية بدلا من خلق عاطلين عن العمل يصبحون عالة على المجتمع.



كما أن هذا التطبيق للرسملة يتعارض مع اللوائح والقرارات والمراسيم الملكية ومنها القرار (81) في 27 /3 /1428 الذي ألغى الصفة التجريبية عن مؤسسات أرباب الطوائف، وأن تأخذ شكلا تنظيميا اعتباريا يراعى فيه أن تعمل بأسلوب تجاري. فكيف يحق للرسملة بشكلها المحدد في نظرية فداء الدين بهجت بتحويل الاحتياطات وهي 10% التي كانت تؤخذ قسرا من عوائد المطوفين والمطوفات وأصبحت مبالغ متراكمة من عام 1402 وحتى الآن؟ وكيف يحق إدخال غير المطوفين والمطوفات في رأس المال الذي هو حق من حقوقهم المتراكمة؟! والأدهى من ذلك أنه صدر قرار محكمة الاستئناف الإدارية بمكة "بإلزام وزارة الحج والعمرة بتنفيذ الأمر السامي بتاريخ 10 /4 /1424 المتضمن أحقية أرباب الطوائف في المبالغ المتراكمة التي استقطعت من عوائدهم والتي تمثل الوفر المتراكم في حساب وزارة الحج والعمرة لدى مؤسسة النقد العربي السعودي، وإعادتها بالطريقة التي يتفق عليها بين وزارة الحج والعمرة وأرباب الطوائف حتى نهاية موسم عام 1422".



فأين وزارة الحج والعمرة من تطبيق هذا الحكم القضائي الواجب النفاذ؟!! بل إن الرسملة واستثمار وزارة الحج والعمرة لأموال أرباب الطوائف دون أخذ موافقة الجمعيات العمومية في المؤسسات – وليس رؤساء المؤسسات الذين يبصمون بالعشرة خوفا على مناصبهم - تعد على الحقوق!



إن الاحتياطات المتراكمة واستخدامها كرؤوس أموال تدخل في الحقوق منها مطوفات توفين وكانت لهن حقوق لم يأخذها الورثة! بل إن زوجة المطوف المتوفى لها الثمن من المبلغ ولم تحصل عليه! وكذلك والدة المطوف كان لها نصيب في إرث ابنها ولم تحصل عليه! وتراكمت تلك الأموال...! فما هو الأساس الشرعي الذي يمكن من خلاله استخدام هذه الاحتياطات المتراكمة في تكوين رؤوس أموال مؤسسات الطوافة حاليا أو شركات الطوافة مستقبلا؟



إن اللقاء الذي أشرف عليه معالي وزير الحج والعمرة الدكتور محمد صالح بنتن السبت 28 /1 /1438 وتم عرض أربع أوراق عمل عن الرسملة وبحضور مجالس الإدارات في المؤسسات لم يصل فيه إلى نتيجة حاسمة! لتنوع مادة الطرح واختلاف الآراء. وكان الأجدر بمعاليه تشكيل فريق عمل مكون من خبراء في الطوافة وعدد من القانونيين والمحاسبين والاقتصاديين لمناقشة الأفكار والأطروحات المقدمة في الأوراق، ثم تعقد مقارنة ومقابلة بينهم لاستخلاص النتائج والوصول إلى قرارات حاسمة تحقق مبادئ الشرع الحنيف في التوزيع العادل وإعطاء الحقوق للمطوفين والمطوفات.



أخيرا، يفترض أن صرف المستحقات للمطوفين والمطوفات لا علاقة له بأمور الرسملة، ولا بد أن تصرف في حينها، فهل من يبشرنا بصرفها قريبا، قبل أن نجد أحد أبناء الطائفة على قارعة الطريق..؟