عبدالغني القش

مجلس الشورى .. والدعوة لقيادة المرأة!

الاحد - 27 نوفمبر 2016

Sun - 27 Nov 2016

صوت مجلس الشورى السعودي مؤخرا وتحديدا في جلسته الـ58 من أعمال السنة الرابعة للدورة السادسة برفض توصية عن قيادة المرأة للسيارة.



وفي التفاصيل أن المجلس رفض توصية تطالب وزارة العمل والتنمية الاجتماعية بالتنسيق مع وزارة الداخلية لدراسة البيئة الاجتماعية المناسبة بالسماح للنساء بقيادة السيارات، وبعد الاستماع إلى عدد من الأعضاء المؤيدين والمعارضين احتكم المجلس للتصويت الذي حسم مصير التوصية، وأسقطها رغم حصولها على 65 مؤيدا مقابل 62 معارضا، لكن لكي تفوز التوصية بالإقرار لا بد أن تحصل على 76 صوتا مؤيدا، فتم إسقاطها.



ومن اللافت تصريح إحدى العضوات أن المجلس لم يسقط توصية تطالب بقيادة المرأة كما تناقلت ذلك مواقع التواصل الاجتماعي، وإنما أسقط توصية ضعيفة وهشة تطلب من وزارة العمل والتنمية الاجتماعية التنسيق بين الوزارات لدراسة البيئة الاجتماعية المناسبة للقيادة، مضيفة أن كثيرا ممن عارضوا التوصية المطروحة كانوا يرون أن تكون التوصية بطلب تمكين المرأة من حق القيادة مباشرة، وتقديمها لوزارة الداخلية، كونها هي جهة الاختصاص لا إلى وزارة العمل والتنمية الاجتماعية لدراسة البيئة المناسبة، وأن التوصية التي أسقطت لو تمت الموافقة عليها لتسببت بإعادة المسألة برمتها للوراء أو للمربع الأول عن مدى جاهزية المجتمع لها، وهذا عكس المطالبات التي تنادي بتمكين النساء من حق القيادة كحق إنساني وشرعي غير مشروط.



ويزداد العجب في مثل هذا السياق من الرغبة في الإقرار بغير شروط، ويصل الأمر إلى الاندهاش عندما أكدت العضوة أن التوصية لم تكن تتناسب مع المرحلة، لنتساءل لماذا قدمت أصلا!



في حين قال أحد الأعضاء إن المملكة تحارب اليوم الإرهاب، وطرح مثل هذه الموضوعات سيتسبب في احتقان المجتمع، ولسنا بحاجة لمثل هذه الموضوعات، لافتا إلى أن هناك جانبا شرعيا في مثل هذه المسألة يجب الرجوع إليه، في رد ضمني على من طالبت بأن يتم تمكين المرأة من قيادة السيارة بلا شروط.



هذا كله يعيدنا لفوضى التصاريح في المجلس، ولنتصور أن المجتمع يستمع لمائة وخمسين عضوا كلهم يصرحون، في عملية لا تعرف الانضباط، فهذا يصرح لمشروع لم يدرج ضمن أعمال المجلس وإنما هو مقترح فقط، وذاك ينافح عن قرار وآخر يقف ضده، ليتساءل الجميع عن المرجعية، وأين دور الناطق الإعلامي للمجلس في ظل هذه الفوضى العارمة!



كم كان بودي أن يلتفت المجلس لحاجات المجتمع ومعاناته فيناقشها ويطرحها للتصويت، ليشعر المتابعون بأن هذا المجلس يحمل همومه ويناقشها وأنه يصوت لصالحها، وأن ينأى – وبخاصة العضوات – عن طرح مواضيع لا تحمل أهمية وبخاصة في هذا التوقيت الذي تعيش فيه بلادنا وضعا استثنائيا، فأين المجلس من ذلك؟!



إن المجتمع يعلق آمالا كبيرة على مجلسنا الموقر، ويتألم عندما يطرح أعضاء المجلس أطروحات أقل ما يمكن أن توصف به أنها لا تحقق تطلعاتهم ولا ترتقي لتطلعاتهم، والأدهى أن بعضها لا يصب في مصلحتهم بل ربما كان مستفزا لهم، فهل يأتي الوقت الذي نرى فيه مجلس الشورى وقد بات لسان حال المجتمع يحمل همومه ويحاول أن يجد حلا لمشكلاته، والأهم هل نؤمل في الكف عن التصريحات التي يبثها الأعضاء، وتلاشي الفوضى التي ربما فهمت في غير سياقها، ويكون حال المجلس كحال أي وزارة لا ينطق باسمها إلا ناطق واحد؟



[email protected]