عبدالغفور عبدالكريم عبيد

الشيخ حسن مشاط المكي والثبت الكبير

الاحد - 27 نوفمبر 2016

Sun - 27 Nov 2016

كما هو معلوم عند المكيين قديما، تميزت الحلقات العلمية والدروس الدينية والقراءات القرآنية بالقراء المجودين والحفاظ المرتلين والعلماء المتخصصين في العلوم الشرعية، كالفقه والتفسير والفرائض واللغة العربية والحديث الشريف.



فكانت تلك الحلقات وما زالت تتلألأ مثل النجوم عند كل باب من أبواب الحرم المكي الشريف، من بعد صلاة المغرب إلى أذان العشاء، وهكذا كل يوم تقريبا تحت إشراف المشايخ، وعلى سبيل المثال لا الحصر: حلقة الشيخ عبدالله بن حميد، الشيخ محمد نور سيف، الشيخ عبدالله بن دهيش، الشيخ علوي مالكي، الشيخ محمد السبيل، الشيخ محمد خير، وأخيرا وليس آخرا حلقة الحديث الشهيرة للمحدث الشيخ حسن مشاط المكي في ركن دار الندوة، فهذه الحلقة كان لها حضورها عند طلبة العلم وأهل مكة من كبار السن، خاصة الذين كانوا يحرصون على الحضور والاستفادة من هذا العلم المبارك، الذي شجع كذلك حجاج بيت الله الحرام على حضور الدرس بقوة ولهفة، وذلك لشدة تعلقهم وحبهم لسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم.



لقد كان الحرمان المكي والمدني جامعتين مفتوحتين للزوار وطلاب العلم والنقاد من الدول الإسلامية الشقيقة، وفي ذلك شواهد كثيرة منها: شاهدت منظرا جميلا للشيخ حسن خالد مفتي لبنان وهو بلباس الإحرام مصغيا لشرح الشيخ المشاط، والمستمعون في حلقته بين الجلوس والوقوف، وذلك لشدة الازدحام في حلقته وكذلك في بقية الحلقات.



وكان رحمه الله غزير العلم، كثير التواضع، محبوبا عند تلامذته، وقد ألف الشيخ أكثر من مؤلف في حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، وفي هذه العجالة أشير إلى كتاب واحد من كتبه، وهو «الثبت الكبير» وهو كتاب قيم يقع في 326 صفحة، أما الكتابة الوافية فمرجعها الدوريات والمجلات العلمية، وقد حقق الكتاب تلميذه الأكاديمي والباحث في الحديث وعلومه بجامعة أم القرى الدكتور محمد عبدالكريم عبيد، يقول المحقق عن تسمية هذا الكتاب:

الثبت عند علماء الحديث هو الكتاب الذي يثبت فيه المحدث ما سمعه عن شيوخه، ويسمى أيضا المعجم والمشيخة ونحوهما، وللشيخ حسن مشاط يرحمه الله ثبت صغير سماه: الإرشاد بذكر بعض ما لي من الإجازة والإسناد، ويمتاز الثبت الكبير عن الصغير بأمرين، الأول أورد المؤلف فيه نصوص الإجازات العلمية، والثاني ذكر فيه أسماء شيوخ لم يذكرهم في الثبت الصغير.



وزبدة القول من هذه الكليمة إن رسالة الحرمين الشريفين خاصة، ورسالة المسجد عامة، هي رسالة الأنبياء والرسل والعلماء، والعلماء هم ورثة الأنبياء، وهذه رسالة باقية وسوف تستمر إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها بحول الله تعالى.



وقفة: اللهم فقهنا في الدين وعلمنا التأويل.