بين التأديب والعنف والرفق

الجمعة - 25 نوفمبر 2016

Fri - 25 Nov 2016

اختلطت في الآونة الأخيرة بعض المفاهيم تطبيقيا، خاصة لدى بعض الجهات المعنية بوجه العموم ووزارة التعليم على وجه الخصوص.



أي عقوبة أو توبيخ أو شدة تم تصنيفها على لائحة العنف الذي يعد بعيدا كل البعد في مفهومه عن التأديب، بينما أي إهمال أو تغاض غير مقبول عن أي خطأ مهما كان فادحا تم إرفاقه ضمن لائحة الرفق مع الأسف الشديد متى ما كان تجاه الطالب.



بينما الاعتداء على ذات المعلم وممتلكاته قولا وفعلا لا يعتبر عنفا ولا يحرك ساكنا في التعليم ومسؤوليه.



برنامج بعنوان «رفق» نفذته أغلب المدارس عن طريق لجان التوجيه والإرشاد، البرنامج كان جميلا ورائعا، ولكن كان من الأفضل أن لا يعطى للتلاميذ هذا البرنامج قبل تأصيل مفاهيم الأدب والاحترام وتقدير الذات، ثم بعد ذلك إيضاح الفروقات بين التأديب والعنف والرفق.



كم يؤلمني عندما يتحول المعلم الخبير بواقع التعليم إلى الإرشاد الطلابي والعمل المكتبي ثم ينادي بتطبيق المثاليات ونسيان وتجاهل الواقع الحقيقي، وكأنه من كوكب والواقع في كوكب آخر.



أصبحنا في واقع مرير وقرارات أكثر مرارة كلها من أجل حماية من يستحقون التأديب والعقوبة بسبب تجاوزاتهم وأخطائهم.



هل يعقل أن نواجه تمرد التلاميذ وسلوكياتهم الخاطئة التي تحتاج إلى ردع عن طريق الحروف الهادئة والإيقاعات الرومانسية و»الطبطبة العاطفية»؟



وهل يعقل أيضا أن نستمع لمن ينادون بتطبيق الأساليب التربوية في الميدان وهم هاربون من الميدان للأعمال المكتبية من أجل الهروب من معترك المواجهة؟



وأتساءل هنا كيف صنفت عقوبة التلميذ المخطئ أنها عنف، وأن الاعتداء على المعلم أو عدم احترامه أو التطاول عليه أمر عادي! وكيف أن الاتهامات التي تكال للمعلم ليل نهار لا تندرج تحت لائحة العنف؟ وغيرها كثير من الأمور التي تحمل في طياتها العجائب والغرائب.



والأشد غرابة أن وزارة التعليم تترنم بين الفينة والأخرى بتمجيد المعلم وتذليل عقبات الحياة العملية أمامه، بينما في الواقع تطبق العكس تجاهه، فلم تحفظ أبسط حقوقه ولم تتركه في شأنه ولم تقف بجانبه أمام عواصف تحيط به في العمل ويريدون منه الإنتاجية والإبداع دون أن يردع المخطئ أو يوبخه أو يوقفه عند تجاوزاته.



وأخيرا:

متى ما أرادت وزارة التعليم تطبيق مثل هذه البرامج أن تكرم المعلم أولا، ثم تؤصل المفاهيم الأساسية لدى التلاميذ كالاحترام وتقدير الذات وبعد ذلك شرح مفاهيم التأديب والعنف والرفق ومواطن تطبيقها، أما غير ذلك فهو تحريض على المعلم ليفقد سيطرته وبقايا هيبته ومكانته الاجتماعية.