هبة قاضي

نساء لأنفسهن فقط

دبس الرمان
دبس الرمان

الثلاثاء - 22 نوفمبر 2016

Tue - 22 Nov 2016

(حبي نفسك كما هي وتقبليها)، حسنا يبدو ذلك منطقيا، أضافت قائلة (سوقي لها عبارات التشجيع والتحفيز) مممم لا أجد غضاضة في فعل ذلك. استطردت بحماس والنساء أمامها يتفاعلن أكثر وأكثر(انظري للمرآة وقولي لنفسك فيها كم أنا جميلة ورائعة وخلابة وأستحق الحب والاهتمام ثم احضني نفسك بحب وحنان)، أخذت أنظر حولي بذهول مراقبة ردة فعل السيدات اللاتي تعالت أصواتهن في انفعال وهن يشجعن بعضهن ويؤيدن ما يقال ويرددن لأنفسهن العبارات، في حين استغرقت بعضهن في البكاء الحار تأثرا وتفاعلا.



إن اندفاعنا نحو مثل هذه الموجات إن دل على شيء فإنما يدل على علة معتلة تطوف داخل أنفسنا. فاندفاع النساء للتركيز على أنفسهن ووضع أنفسهن ومتعتهن وسعادتهن فوق الجميع، ما هو في الحقيقة إلا ردة فعل للقسوة والجفاف العاطفي والتقليل من اعتبارهن في مقابل أنانية بعض الرجال. فحين تضطر المرأة لأن تنظر للمرآة وتخبر نفسها كما هي جميلة، فاعلم أن هناك زوجا متصحرا عاطفيا يقبع خلف رغبتها في تعويض ذاتها. وإن رأيت أخرى تسوق لنفسها التشجيع والتحفيز وهي تندفع في تجربة جديدة ملقية فجأة كل الاعتبارات العائلية والمسؤوليات خلف ظهرها، فاعلم أن خلف هذا الاندفاع جبالا من الكبت أحيانا، وتأثرا بآراء الآخرين أحيانا أخرى. ولكن المؤسف في كل الأحوال هو عجزنا الدائم عن التوفيق ما بين ما يرد علينا من الجديد في الفكر، وبين ما نملكه من مبادئ وقيم توازن حياتنا وتحافظ على ثباتنا الاجتماعي في تطورنا الطبيعي نحو المستقبل.



عزيزتي المرأة من الجيد أن تهتمي بنفسك وتبدئي في المطالبة لذاتك بالاحترام والاهتمام الذي تستحقه، ولكن اعلمي أن المبالغة في ذلك تعترض مع فطرتك الذاتية التي فطرها الله في المرأة من خلال شعورها بالسعادة من خلال عطائها للآخرين، وتلقي امتنانهم وحبهم في المقابل. نعم حبي ذاتك وقدريها وأعطيها حقها في محاولة منك للوصول إلى مرحلة تعدي الذات إلى ذوات الآخرين، والشعور بالسعادة من خلال علاقة الأخذ والعطاء مع أحبائك والعالم. وعزيزي الرجل لم يعد يصلح أن تكون بمثل هذا التصحر والجفاف وعدم الرغبة في التطور، فالزمن تغير وفضاء الوعي اتسع، ولم يعد مقبولا ولا كافيا أن تحافظ على حياتك بهذا المستوى المتدني من العطاء العاطفي والفكري للمرأة في حياتك زوجة كانت أو ابنة أو أختا أو حتى أما، لتفاجأ فيما بعد بالاستغناء وربما الرغبة في الانفصال. فليس من دافع لتقديس الذات إلا قسوة وتجاهل وعدم اهتمام.