ناصر محمد الجهني

ستار العيب

الثلاثاء - 22 نوفمبر 2016

Tue - 22 Nov 2016

«تابو» كلمة إنجليزية جاءت من لغة تونجا وهي من اللغات البولينيزيه - الأسترال آسيوية، وتعني المحظور من الفعل والقول، أي ما لا يجوز أو يصح فعله أو قوله من أفعال أو أقوال في مجتمع ما بصفته مرفوضا وغير مقبول في ثقافة ذلك المجتمع. وهو واقع في كل مجتمعات الدنيا بدرجات متفاوتة وحسب مفاهيم مختلفة تفرضها الثقافات حسب أطرها ومرتكزاتها كالأعراف والقيم والدين والتقاليد.



هنا سنختصر الحديث عن المحظور اللغوي تحديدا، التابوهات المتصلة بالقول؛ ما يحظر قوله من أفراد المجتمع. فنحن كبقية مجتمعات البشر لدينا مواضيع وكلمات تقع ضمن المحظور الكلام فيه أو عنه أو به. ومن هذه المحظورات على سبيل المثال الشتم واللعن والسباب وموضوع الجنس والعملية الجنسية وأسماء الأعضاء التناسلية والتطاول على

المقدسات والنيل منها والحط من قدرها، والعياذ بالله، والطبقية الاجتماعية، ومواضيع أخرى عدة.



ولبعض المحظورات اللغوية سلبيات كما أن لها إيجابيات على أفراد المجتمع. فكما أن من الأدب في مجتمعنا عدم الحديث عن الجنس وعن الأعضاء التناسلية على سبيل المثال، فإن هناك من يعاني بسبب مشكلة جنسية مع شريك الحياة الزوجية، أو من يعاني من مرض في أحد أعضائه التناسلية، ولكن بسبب الحظر اللغوي يؤثرون الصمت حول مشكلتهم، ويستمرون في معاناتهم بدلا من البوح بها والبحث عن حل أو علاج عند المختصين أو حتى مع أقرب الأقربين إليهم، وبالتالي فإن المشكلة تتطور، والمرض يزداد ويسوء ولا أحد يجرؤ على مناقشة الأمر والحديث عنه كون ذلك يعد جرأة غير محمودة.



في بحث لي بعنوان «الإفصاح الكلامي عن الذات في مجتمع شرق أوسطي عربي»



Verbal Self Disclosure in a Middle Eastern Arab Community



نشرته مجلة الآداب بجامعة الملك عبدالعزيز (العدد 7؛ الصفحات 1 - 16؛ 1994) درست «من؟ يقول ماذا؟ لمن؟ ولأي درجة يكون العمق والتوسع في الموضوع؟». وحول سؤال يدور عن التحدث مع الطبيب للذكور أو الطبيبة للإناث - لاحظ أن الحديث مع طبيب أو طبيبة ومن نفس جنس المريض - عن مرض أو مشكلة في الأعضاء التناسلية أظهرت النتائج درجات منخفضة من الإفصاح لكلا الجنسين، خاصة الإناث، حيث لم تصل عند أي منهما إلى إفصاح كامل وتام عن المرض أو المشكلة في الأعضاء التناسلية، إذ بلغت درجة الإفصاح 80% للذكور و39.5 % للإناث.



كم من معاناة وراء جدران المنازل وأبواب الغرف الموصدة وخلف ستار العيب؟ كم من الأمراض ستتفاقم وكم من المعاناة ستستمر بسبب هذا الحظر اللغوي؟ إن ما نريده لأبنائنا وبناتنا هو التفريق الفعلي والحقيقي بين ما يقال وما لا يقال، فإن كان الأدب والحياء يفرضان عدم الحديث عن الأعضاء التناسلية فإن الحديث عن مرض أو مشكلة متصلة بهما أمر حتمي وضروري مع المختصين والأقربين، بحثا عن العلاج والحل، وإبعادا للنفس عن الأذى والضرر والمعاناة بحسب شرعنا الحنيف الذي حفظ النفس، وقيمنا السامقة التي أوجبت رعايتها.



[email protected]