حسن الشمراني

عش يومك

الثلاثاء - 15 نوفمبر 2016

Tue - 15 Nov 2016

ليعذرني أحد السنابيين في استعارة هذا العنوان منه، كونه إحدى لوازمه الجميلة في مقاطعه السنابية الطريفة، وعبارة عش يومك وإن كان البعض قد يجنح في تفسيرها على أنها عبارة تحررية قد تشجع على الانغماس في الملذات وتجاوز القيم والعادات والتقاليد، إلا أنها في حقيقة الأمر لا تعدو أن تكون عبارة تشع بالأمل والتفاؤل والحث على النظر للحياة بعين الرضا والابتهاج.



لا يكاد يمر يوم إلا وأقنية وسائل الاتصال بكل أنواعها وأشكالها تملأ فضاءنا بكل ما هو محزن وكئيب من مشاهد مؤلمة وأخبار محبطة، فيستيقظ الواحد منا على أنين الثكالى وصراخ الأطفال ومآسي المشردين ليمتلئ نهاره بتلك الأخبار السوداوية فتختفي عند ذلك الابتسامة، وتحل محلها ملامح العبوس والتجهم.



وقد يزداد الأمر سوءا عندما يبتليك الله بمدير تنقصه مهارات الإدارة وفنون التخاطب فيصرف لك ما تيسر من ألفاظ قاسية وأوامر مملة، غير آبه بما أصبحت عليه من كآبة وما صادفته في شوارع المدينة من زحام خانق ونفسيات محتقنة، ومن يدري فمن الممكن أن تكون نفسك قد راودتك ذات غضب لتختفي من هذا العالم، أو أن شبحا قد زارك في أحد أحلامك ليشرح لك أفضل طريقة لذلك.



لم تعد حياتنا العصرية بتلك البساطة التي كان عليها أباؤنا وأجدادنا، بل لقد أصبحت أكثر تعقيدا وأكثر حزنا وكآبة، وبما أنك لن تستطيع أن تختفي من هذا العالم لتعيش وحيدا أو أن تغمض عينيك عن مشاهد القتل والتشريد التي تبثها وسائل التواصل عبر قنواتها المختلفة،أو تسير في الطريق لوحدك، أو أن تعمل في وظيفتك منفردا، فإن ما عليك القيام به هو التكيف مع هذه الحياة المتسارعة والعمل بقدر المستطاع، على أن يكون لك عالمك الخاص بعيدا عن كل هذه المنغصات، وذلك بالنظر إلى الحياة بعين التفاؤل والرضا بدلا من التذمر والتسخط، ولا شك أنك قد تجد صعوبة في بداية الأمر ولكنك ستألفه حتما مع مرور الأيام.



عش يومك عبارة لطيفة وجميلة فلماذا لا نحاول تطبيقها مع أنفسنا ونستمتع بكل أيامنا ونعيشها بكل تفاصيلها البسيطة واللذيذة قبل أن تسرقنا الأيام وتلتهمنا طاحونة الحياة، فلنجرب ذلك فنحن إن لم نكسب فلن نخسر شيئا بكل تأكيد.