مانع اليامي

العشيرة والحارة

الاثنين - 14 نوفمبر 2016

Mon - 14 Nov 2016

ثمة مؤشرات أحسبها من البينات الدالات على انحراف الوظيفة العامة، قد يحسبها غيري وفق معيار الزيادة والنقصان بطريقة مختلفة. المهم أن المؤشرات بحسب تقديراتي تقول إننا نعيش أزمة إدارية من صنعنا أولا وأخيرا، لم لا، ومسارنا الإداري يروي الكثير من القضايا الإدارية والمالية المتحركة تحت غطاء سوء استعمال السلطة في أقل التقديرات، وما يلحق بذلك من تعسف تدعمه صلاحية الوظيفة والمركز أحيانا كثيرة، وهو التعسف الذي يعتدي على الأخلاقيات المهنية، وبالطبع لا يستثني في طريقه شيئا من الثوابت القانونية أو الحقوقية، ولا أدل على ذلك مما يمكن أن ترصده عدسة الراصد في سجلات ومداولات المحاكم الإدارية والهيئات العمالية، وما تجود به وسائل الإعلام الرسمية وغير الرسمية من أخبار ذات صلة.



من الإنصاف أن نصارح أنفسنا وألا نتجاوز حقيقة واقعنا، بيننا من يثني خطوات الوطن في طريق المستقبل، وهذه الفئة لا شك تتشكل من أولئك الذين يجرون الوطن إلى الخلف بحبال مصالحهم.



يستطيع أي منا أن يتلمس تمدد ثقافة الانحياز إلى العشيرة، مثلما يمكنه تلمس شيوع حزبية الحارة، إذا جاز القول. بصراحة أكثر دون الخوض في عمق مشاكلنا الإدارية والاجتماعية وأيضا الاقتصادية والتعامل معها بصدقية تخرجنا من الاختناقات، فإننا سنختنق ذات يوم ليس ببعيد.



تحدث غيري كثيرا وما زال للحديث عن قضايانا الوطنية بقية تبدأ وتنتهي عند تلوث الوظيفة العامة إلى حد ليس سهلا، والأكيد أنه لا يمكن أن يتحقق لنا الازدهار والتقدم ونحن نتجاهل تأصيل ثقافة النزاهة ضد الفساد لحماية المال العام وصون منجزات الوطن، كيف لأي مجتمع يعيش في أحضان المحسوبيات أن يعرف معنى المصالح العليا وقيمة العدالة الاجتماعية؟ كيف للكفاءات الإدارية أن تخرج إلى السطح؟ بل كيف يمكن لنا أن نتعرف على هذه الكفاءات والمحسوبيات تتنافس في مضمار القبيلة والحارة؟ لا حصر للتساؤلات في هذا المنحى، والمخرج الحقيقي لا ريب في يد الحكومة، أقصد قوة القانون وعدالة تطبيقه، لم يعد هناك متسع لغض النظر أو المجاملات.



باختصار، إذا كان لمعطيات التجارب الداخلية أن تفرض على الجهات المعنية عمليات إصلاحية لمواجهة الفساد، فإن لها أيضا أن تفرض خروج سياسة وقائية تستر مفاتن الوظيفة العامة.. وبكم يتجدد اللقاء.



[email protected]