محمد حطحوط

كيف أخطأت قناة العربية وأصاب شاب؟

الاثنين - 14 نوفمبر 2016

Mon - 14 Nov 2016

في الـ15 من أبريل لعام 2013 حدث الانفجار الأول في مدينة بوسطن لسباق الضاحية، بعده بدقائق حصل الانفجار الثاني، والذي اكتشف لاحقا أنه كان بسبب قدر كاتم وضعت بداخله مواد شديدة الانفجار. كان العبد الفقير حينها يبعد ساعات عن الحدث، وكان بجانبي زميلي الأمريكي مايك، وكانت الدكتورة للتو انتهت من محاضرة التسويق.



مايك ينظر لجهازه الايباد ويردد في ذهول (أوه.. يا إلهي)، حيث كان هو مصدري الأول في معرفة الخبر! ثم أردف مايك بلطف: (أناس مجانين يفعلون أشياء مجنونة)، وأسررت الغصة في النفس، لأن مايك شبه متيقن أن الفاعل مسلم، ولا يريد جرح مشاعري، كونه زميل الدراسة لأشهر، وكوني المسلم الوحيد هنا في القاعة!



وصلت المنزل مسرعا.. فتحت التلفاز على أهم ثلاث قنوات إخبارية أمريكية: السي إن إن، التي تحاول - لاحظ أنها تحاول - أن تقف في صف الحياد، وفتحت الايباد على قناة MSNBC المعروفة بتوجهها الليبرالي الصارخ، ونقيضها تماما FOX والتي يملكها مردوخ وتمثل صوت اليمين المحافظ وروحه النابضة في بيل أورايلي وشلته، وكانت الأخيرة على الايفون. كانت الثلاث تبث في ذات اللحظة عن تفجيرات بوسطن وتتسابق في إحراز سبق صحفي.



في لحظات كهذه تظهر مهنية القناة ومدى قدرتها على تمييز الأخبار ومصادر تلك الأخبار، وقراءة النص وما وراء النص! خرجت صحيفة هامشية في نيويورك وادعت أن الذي قام بتفجير بوسطن شاب سعودي، ولأن هذه الصحيفة مصداقيتها هشة، لم تلتفت لها القنوات الأمريكية الثلاث الكبرى! وبدون مقدمات انتشلت الزميلة قناة العربية الخبر وطارت به ونشرته على شاشتها منتشية بالسبق الصحفي الذي حققته! عندها كتب العبد الفقير كاتب هذه الأحرف تغريدة نصها (قناة CNN وMSNBC وFOX كلها تقول لا نعرف من يقف خلف التفجير، والعربية تقول إنه سعودي!) طارت الركبان بالتغريدة، وكانت الأكثر تداولا صباح التفجير، لأن جيل تويتر يريد للعربية أن تسمع صوته، ولم تمر سوى ساعات وتحذف العربية الخبر، وتقدم اعتذارا باهت اللون!



العالم يتغير لصالح مصادر الأخبار البديلة أو الموازية والتي ينشرها أناس عاديون، كانوا في الوقت المناسب عند حدوث الخبر، القناة الفضائية التي لا تفهم هذه القاعدة البسيطة، تخسر الرهان! لأن العصر الأحادي في طرح المعلومة في التسعينات لفظ أنفاسه على أعتاب هاشتاقات تويتر وقروبات واتس!



الجولة الثانية مع الزميلة العربية كانت في انقلاب تركيا 2016، حيث كان الفتى المسكين بجوار السلطان أحمد، وهذه المرة لديه قناة تويتر وستالايت بث مباشر في بيرسكوب وقمر صناعي اسمه سناب شات، وكانت العربية في واد، ومن هم على أرض الحدث في واد آخر، ثم قدم الزميل تركي الدخيل اعتذارا لطيفا، برر فيه العين التي غطت الحدث، ولكنه درس تعلمت منه العربية الكثير، وتعلم منه الناس أكثر، صوتهم أصبح أكثر وضوحا وأكثر وصولا من أي فترة سابقة!



هل هناك جولة ثالثة مع الزميلة؟ الأيام تجيب عن هذا السؤال، وتظل العربية رقما صعبا في سماء الأخبار العربية، بالرغم من سهام إخونجية تويتر، وفجورهم بالخصومة ضدها في كثير من الأحيان!



[email protected]