هبة قاضي

مختلون على العروش

دبس الرمان
دبس الرمان

الأحد - 13 نوفمبر 2016

Sun - 13 Nov 2016

(نعم لستم نائمين، بل أنتم في عز اليقظة. ونعم لم تموتوا وتذهبوا للجحيم بل هذه هي حياتكم الآن. هذا نحن وهذا شعبنا وهذه انتخاباتنا. فلنعش مع هذا)، كانت هذه كلمات المذيعة على إحدى القنوات الأمريكية بعد دقائق قليلة من إعلان فوز رجل الأعمال الملياردير الفاحش الثراء دونالد ترامب بمنصب رئيس الولايات المتحدة الأمريكية.



إن اللعب على ورقة فوقية العرق وفوقية الدين هي واحدة من أكثر استراتيجيات التأثير وضاعة وحقارة. ذلك لأنها تستنفر ذلك الوحش البدائي الكائن في كل منا والذي تقيده المبادئ والقيم والتحضر والأخلاق. فإذا ما أطلقت ذلك الوحش باسم الدفاع عن العرق، وباسم الحفاظ على الدين فإنه ينطلق كالمجنون لا يبقي ولا يذر. ولكن المضحك حقيقة هو أننا ننظر إلى ترامب شذرا وننعته بأشنع الشتائم، لتجرؤه على التعدي على المسلمين ومعاداة الإسلام. نعم من المضحك ذلك التناقض الذي نعيشه حتى وصلنا إلى درجة أننا ننكر فعلا ونحن نمارسه بحذافيره بل بفن أعلى. نعم فنحن نصف ترامب بالعنصري وننكر عليه وصفنا والاستهزاء ببلادنا وطرد المهاجرين المسلمين والتعنصر ضدهم وتحفيز العنف نحوهم، ونحن نمارس ذات الشيء داخل بلداننا وعلى نفس المسلمين الذين تحامينا لهم من الخارج، في نفس الوقت الذي نمارس نحن فيه ذات الشيء عليهم في الداخل أيضا بحجة تسامي العرق وأحقية المكان.



ليست أول مرة يستطيع فيها مختل ما أن يسيطر على شعب بكامله. فالتاريخ ذاخر بالطغاة والمعاتيه الذين دفعوا بشعوبهم للعذاب والحروب والمآسي باسم الدين وسمو العرق وإثبات القوة. لذا هناك دروس نتعلمها من اختلالات العالم: أولا: ليس هناك أحد متحصن تماما ضد لوثات خطابات الدين والعرق مهما بدا رقي فكره وقوة تمدنه. ثانيا: لا مفر من أن تكون واعيا وأن تبحث بنفسك عن الحقيقة وأن تمتلك الشجاعة للوقوف لقناعاتك، فقليل فقط من ذاك كان ليمنع الشعب الألماني من اتباع هتلر نحو سعيه المجنون لحكم العالم. ثالثا: نحتاج الكثير والكثير من التعاطف وهو تقمص أوضاع الآخرين وظروفهم. فلو أن قائد الطائرة الحربية تقمص للحظة مشاعر الأبرياء الذين سيدمر حياتهم لأجيال وأجيال في حال إلقائه قنبلة ذرية، لما كان هناك انفجار هيروشيما. رابعا: ليس أخطر من أجندة الدين المسيس، فهو أداة الطغاة والمعاتيه لتجييش العامة الذين إذا ذكر لهم الدين غاب عندهم المنطق، وما كان الخميني ليركب موجة الثورة الإيرانية ويعتلي سدة الحكم ويجر خلفه تلك الجريرة من التابعين لو أن أحدهم أعمل منطقه ولو قليلا. وأخيرا وليس آخرا، أن نكتشف فصامنا ونعالجه، وأن نشخص التشوهات المشاعرية والفكرية في دواخلنا فهي الأولى بعمليات التجميل.



[email protected]