فائز صالح جمال

قراراتنا تعارض أهداف رؤيتنا 2030

الأحد - 13 نوفمبر 2016

Sun - 13 Nov 2016

عند النظر في قرارات فرض الرسوم الأخيرة، ومنها زيادة رسوم تأشيرات الزيارة وفرض رسوم تصاعدية على تأشيرات الخروج والعودة، نجد أن أثرها على سلوك طالبي هذا النوع من التأشيرات سيؤدي إلى نتائج عكسية لما تتطلع إليه أهداف رؤية 2030، بل قد تؤدي إلى عكس ما تستهدفه القرارات ذاتها من زيادة جملة الحصيلة من ذات التأشيرات.



فمثلا عند رفع رسوم تأشيرة الزيارات العائلية فإن ذلك سوف يؤدي إلى إحجام العوائل عن القدوم إلى المملكة، وبالتالي سيحرم خزينة الدولة من الرسوم والاقتصاد مما سينفقونه أثناء تواجدهم على الإسكان والنقل والإعاشة وشراء الهدايا وغير ذلك، وهي مبالغ تفوق الزيادة في الرسوم.

بمعنى أننا برفع الرسوم وإحجام الزوار عن القدوم للمملكة جمعنا بين عسرين، الأول حرمان خزينة الدولة من الرسوم، والثاني حرمان الاقتصاد والنشاط التجاري مما كان سينفقه الزوار خلال فترة تواجدهم في المملكة.



وفي ذات الوقت قد يضيف هذا الوضع عسرا ثالثا وهو زيادة التحويلات، بتحويل الأموال التي كانت ستنفق كلها أو جزء منها في الداخل إلى الخارج، بمعنى أن طالب الزيارة لأقاربه سيحجم عن طلبه ويحول الأموال التي كان سينفقها عليهم في الداخل إليهم في الخارج.

وعند رفع رسوم تأشيرات الخروج والعودة، كلما زادت مدة التأشيرة عن شهرين بشكل تصاعدي، فإننا نحفز على تقليص فترات تواجد العمالة خارج المملكة وبقائها فترات أطول في المملكة، وهذا في ظل الظروف الحالية التي تشهد فائضا في العمالة بسبب تراجع الأعمال يعمل ضد المصلحة العامة، وأعني هنا ما يشكله بقاء أعداد فائضة كبيرة غير منتجة من ضغوط على الخدمات والمرافق العامة واستفادتها بشكل أكبر من الدعم الذي تقدمه الدولة لاستعمالاتها.



بينما الواجب في فترات وجود فائض عمالة غير منتجة هو التحفيز على مغادرتها لقضاء فترات أطول خارج المملكة، ومن بين الحوافز تخفيض الرسوم لتأشيرات الخروج والعودة للفترات الأطول، وهذا ما يمكن تسميته بإدارة حركة العمالة الوافدة؛ حوافز للبقاء في الداخل عند الحاجة لها، وحوافز للبقاء فترات أطول في الخارج عند تراجع الأعمال وانخفاض الحاجة لها في الداخل وهكذا..

أما أن ينشغل أصحاب المبادرات في الوزارات بزيادة دخل خزينة الدولة دون النظر لآثار ذلك على سلوك الناس ونتائجه السلبية على الاقتصاد المحلي بما فيه تراجع الدخل ذاته لخزينة الدولة فإن ذلك أقل ما يوصف به هو الارتجال وغياب التخطيط.

وفي مجال آخر تستهدف رؤية 2030 زيادة الاعتماد على القطاع الخاص في خلق فرص العمل، بينما نجد أن كل قرارات زيادة الرسوم، وقرارات خفض الرواتب والبدلات تعاكس هذا الهدف بشكل مباشر.



فزيادة الرسوم شكلت أعباء كبيرة على مؤسسات القطاع الخاص، وسيكون من نتائج هذه الأعباء خسارة أعداد كبيرة منها وخروجها من السوق مخلفة خسائر كبيرة لأصحابها والعاملين فيها ولاقتصادنا الكلي، وهذا الإغلاق للمؤسسات يعني خسارة أصحابها لمصادر دخولهم وتحول الكثير منهم إلى صفوف طالبي العمل ومستفيدي الضمان الاجتماعي.



والأهم هو قرارات زيادة الرسوم، قطعا سوف تضيق الفرص أمام شبابنا الراغبين في دخول السوق واختراق هيمنة منظومة التستر التجاري، وتضيف إلى التعقيدات والمعوقات العديدة القائمة أصلا أمامهم لبدء أعمالهم التجارية.

وخفض الرواتب له نفس آثار زيادة الرسوم على مؤسسات القطاع الخاص ليجتمعا ويسرعا وتيرة تراكم خسارة المؤسسات الصغيرة والمتوسطة وحتى بعض الكبيرة، وخروج العديد منها من السوق، لأن خفض الرواتب والبدلات يعني تراجع القوة الشرائية في عموم الأسواق وتراجع حجم مبيعات الأسواق بعمومها.

فهل لنا في الاستجابة إلى الأصوات المطالبة بوقف العمل بقرارات زيادة الرسوم وخفض الرواتب والبدلات وإخضاعها لمزيد من الدراسة بحيث تكون أدوات لإدارة الاقتصاد والأعمال وليست لتمويل خزائن الوزارات؟



[email protected]