هل سنسمع من هذا العازف لحنا جديدا؟

الجمعة - 11 نوفمبر 2016

Fri - 11 Nov 2016

وأخيرا أسدل الستار على سباق الرئاسة الأمريكية التي انشغل بها العالم لأكثر من ثلاثة أشهر، وأصبح على هذا العالم أن يقبل حقيقة أن دونالد ترامب أصبح الرئيس الخامس والأربعين للولايات المتحدة. فوز ترامب أكد حقائق عدة حددت المشهد السياسي في ثاني أقوى دولة في العالم، منها سطوة رأس المال في تحديد مسار السياسات كون الرجل من أكبر رجال الأعمال، وانحراف المجتمع الأمريكي نحو ثقافة التطرف والكراهية بعد أن انتخب رئيسا لم يخف عداءه للآخر، وعلى رأسهم المسلمون والعرقيات الأخرى حتى وإن كانت تحمل الجنسية الأمريكية.



وقد أثبت هذا المجتمع الذي يتغنى بالتنوع أنه رافض لهذه الثقافة. فقد كان من المؤمل أن تشهد الولايات المتحدة تحولا في إرثها السياسي وتنتخب امرأة رئيسة للبلاد، لكن هذه الآمال ذهبت أدراج الرياح. ومع ذلك سوف يستمرون بلا حياء في التباكي على حقوق المرأة العربية وذكورية المجتمع العربي والإسلامي.

والحقيقة التي أفرزتها هذه الانتخابات هي أن الولايات المتحدة أصبحت منقسمة على نفسها أكثر من أي وقت مضى، فالحزب الجمهوري الذي فاز ترامب باسمه كان منقسما حول ترشيحه، ولم يصوت له حتى الرئيس السابق جورج بوش الذي جرت سياساته الويلات على المنطقة العربية.



لا ندري ما الذي سيفعله ترامب ليثبت أنه رئيس لجميع الأمريكيين ليتسنى له التفرغ للتعامل مع القضايا العالمية الشائكة، وبعضها من نتائج سياسات سلفه باراك أوباما التي أدت إلى تراجع الدور الأمريكي على الساحة العالمية بعدما قطع وعودا لم يستطع الوفاء بها مما سمح لروسيا بملء الفراغ والعبث بمصير العالم، وبمصير الشعب السوري تحديدا.



ترامب، هذا الذي جمع ثروته من مصادر لا يعلمها إلا العارفون بخبايا جمع الثروات والتي استغلها في حملته الهوليوودية لتضليل الشعب الأمريكي البسيط والمثقل بالديون، أطلق وعودا وتهديدات كثيرة، كما فعل ويفعل الكثيرون غيره من السياسيين. لكنه عندما يدخل البيت الأبيض سوف يكتشف أنه ليس طليق اليدين ليفعل ما يشاء، حتى وإن كان الحزب الجمهوري يسيطر على الكونجرس بمجلسيه لأن في الولايات المتحدة مراكز قوى هي التي تحدد المسارات الاقتصادية والعسكرية وغيرها.



وقد تابعنا كعرب مثل بقية الشعوب مسلسل مسرحية الانتخابات الأمريكية بفعل ضغط وتأثير وسائل الإعلام. لكننا تعلمنا من التجربة مع كل الرؤساء الأمريكيين أن السياسة الأمريكية نفعية ومصلحية وابتزازية على الرغم من كل التصريحات العلنية عن الصداقات والتحالفات والمصالح المشتركة.

صحيح أننا لا يمكن أن نلغي دور الولايات المتحدة وقوتها من حساباتنا، ولكن علينا أن نستفيد من دروس الماضي وأن نبني قوتنا الاقتصادية والعسكرية والسياسية والبشرية ليظل صوتنا مسموعا، فقد لدغنا من الجحر الواحد عشرات المرات!



ما نرجوه هو أن تعيد الولايات المتحدة تقييم سياساتها تجاه المنطقة العربية وقضايا الشرق الأوسط وأن تعيد المصداقية التي فقدتها لهذه السياسات.

من معاني ترامب باللغة الإنجليزية «البوق» ونأمل أن نسمع منه لحنا مختلفا عن عزف من سبقوه إلى البيت الأبيض!