كل بيت بـ(300) ريال فقط!!

راجت مؤخرًا تجارة بيع الشعر ـ بكسر الشين المتشددة ـ عبر وسائل (التفاصل)، و(التناصل)، و(التسافل)، و(التسافه)! وقد وصل الحراج إلى مساء الاثنين (300) ريال للبيت الواحد!



ثم استضافت المليارديرة (سارة دندراوي)، في برنامج (تفاعل. كم) عبرة قناة (العربية)، أحد أدعياء الشعر، وسألته عن أكثر السلع إقبالًا؟ ويبدو أنها كانت تتوقع أن يقول: الغزل؛ بحكم أن السعوديين مهووسون بالتغزل في أي أنثى، كالمرأة، والسيارة، ومزاين (الدبش)، و(الرواتب)!!



ولكن الضيف العلامة الفهامة (الدرعامة) أكد أن أكثر الطلبات تنصب وتنكب على المديح والنخوة؛ أي الاستجداء الصريح، وتسول الشرهات من كل من يملك المال، ولا يملك شيئاً تحت العقال!



وقبل أن ندين هذا المشروع الناجح اليوم، لا بد أن نتذكر أن التسول بكل أشكاله وأساليبه ليس جديدًا طارئًا على الثقافة العربية، منذ الزميل (النابغة الذبياني)، الذي أصبح رئيس لجنة الحكام، في سوق (عكاظ)، بعد أن أثرى من شرهات (المناذرة) شيوخ (الحيرة) التابعين للفرس، و(الغساسنة) شيوخ (الشام) التابعين للروم!!



ولو حذفت فن (الشحاذة) من الشعر العربي، لتساقطت بقية الفنون تساقط الدنانير في يد الزميل (أبي الطيب الكذاذيبي) من كل الذين مدحهم صدقًا أو كذبًا، ما عدا الأستاذ (كافور الإخشيدي)!



فالرثاء هو مديح خاص بالميت، واستجداء لورثته في لحظة لا تساوي عندهم الدنيا شيئًا! والهجاء ابتزاز للمستهدف ليشتري سمعته! وحتى الغزل ليس إلا استجداءً للإعجاب، والحب، والحنان، بدليل أنه إذا انتهى بالزواج؛ توقف عنه الشاعر (الصادق)، كما وقع لشاعر الزجل اللبناني العظيم (موسى زغيب)؛ الذي ظل يتغزل بحبيبته سنوات عديدة، حتى أشفقت عليه وتزوجته لوجه الله! وبعد شهرين سألته: لماذا لم تعد تتغزل بي شعرًا؟ فقال لها: لشو؟ زواج وتزوجنا!!



وليس التسول هو وقود الإبداع في الشعر فقط، بل وحتى في النثر؛ حيث إن فن (المقامات) قائم صراحة على (الكُدْيَة) أي: التسول برضو، ولكن القوم كان (مروّقين) حتى وهم يهرقون ماء وجوههم في سبيل الحصول على المال! وكانوا (يحللون) كسبهم السهل بالذوق والجمال!



ونعود لضيف (سارة) المهايطي؛ حيث سألته: لماذا لا تكتب المدح والنخوة باسمك وتحصل أنت على (الشرهات)؟!



و.. اسمحوا لنا أن نتسول باهتمامكمكن مكافأة مقالة وربما أكثر .. غدًا..!!!



[email protected]