عبدالغني القش

إعلامنا للتاريخ .. هل ينهض بعد الصواريخ!

الأحد - 06 نوفمبر 2016

Sun - 06 Nov 2016

على الرغم من الحوادث الجسام، والطوام العظام التي وقعت مؤخرا، أقولها وبكل أسى إعلامنا لا يزال يدور في دائرة الأسلوب الروتيني في التعاطي مع الأحداث، رغم قسوتها وشدة وطأتها، فهو منكفئ ومكتف بتغطيات مقتضبة، يستعين بمقالات الكتاب الصحفيين والنقاد الإعلاميين، ونجده يحشد التصريحات التي تدين تلك الأحداث وتستهجن الإقدام عليها بخطابات روتينية ربما كانت قوالب معدة سلفا يتغير فيها الحدث فقط، ومن ثم بعثها لوسائل الإعلام، وأقصى ما هنالك الاستعانة ببعض الأطروحات من الخارج؛ هذا هو الحال، وكأننا نعيش في معزل عن العالم، نرضي أنفسنا ونخاطبها بمثل تلك العبارات الرنانة والكلمات الطنانة التي ربما لا يفهمها إلا مجتمعنا، متناسين أو متجاهلين العالم من حولنا الذي يريد أن يرى صدى تلك الأحداث.



كم نحن بحاجة إلى تغيير هذه النمطية والخروج من قوقعتها، فالمفترض نقل الواقع والوقائع للعالمين الإسلامي والدولي، سواء كان ذلك على مستوى الأفراد أو الهيئات والمنظمات؛ ولا يمكن أن يتأتى ذلك إلا عبر تقارير ذات مهنية عالية سواء كانت تلفزيونية أو إذاعية أو صحفية وبلغات مختلفة، والمهنية تقتضي الاستعانة بالخبرات والإمكانات لحشد الكم الأكبر في مختلف وسائل الإعلام وبمختلف اللغات، وتفعيل دور سفاراتنا وملحقياتها الثقافية!



لست بحاجة لأكرر القول إن بلادنا تعيش وضعا استثنائيا وتتعرض لهجمات شرسة؛ والأمر يحتم على إعلامنا تبني نهج مخالف، وليسمح لي أن أقول إنه بحاجة لأن يفيق من غفوته وينهض بوسائله لتكون في وضع استثنائي أيضا؛ فالعالم الخارجي ينتظر أن نملأ أفقه بصناعة إعلامية تمتاز بالمهنية وتستقطب الأنظار ليقتنع بأن ما نقوم به ما هو إلا إحقاق للحق ونصرة للمظلوم ودفاع عن المقدسات التي يريد الأعداء تدنيسها، بل وصل بهم الأمر إلى محاولة المساس بها من خلال التفجير الذي وقع بجوار المسجد النبوي الشريف في رمضان الماضي والصاروخ الذي أطلق مؤخرا على مكة المكرمة، ولكن هيهات.



لقد كانت فرصة سانحة لإعلامنا بكل وسائله لاستغلالها في إثبات زيغ هذه الفئة وضلالها، من خلال التركيز التام على الحادثة التي تكلم عنها الإعلام في الخارج أكثر من إعلامنا، وإنتاج تقارير تؤكد أن ما يقوم به هؤلاء الضالون لا يقبله عقل ولا منطق؛ إذ كيف يقبل عاقل أن يرمي قبلة المسلمين، وكانت مواتية لكشف حقيقة الإرهاب الذي تمارسه قوى الشر في المنطقة وعلى رأسها إيران؛ فشر الإرهابيين لم تسلم منه حتى كعبتهم وقبلتهم وهم يدعون الإسلام، فهل يمكن حينئذ إلصاق الإرهاب بالإسلام؟



وهنا إشادة بمنبري الحرمين الشريفين اللذين واكبا ذلك الحدث شاجبين ومستنكرين وداعيين العالم للتصدي للإرهاب.

الأمر في تصوري يحتاج إلى أمور عدة، إذ لا يمكن إقناع العالم بهمجية الفكر الضال وانحرافه إلا من خلال مادة إعلامية تقدم بأسلوب راق ومؤثر وجذاب باستخدام وسائل التقنية الحديثة، وقد حان الوقت لتفعيل قنواتنا الرسمية الفضائية وإذاعاتنا وصحفنا بحيث تكون فاعلة تنطق باللغات الحية، نوجه من خلالها رسالتنا السامية، ونوصل صوتنا.



وجميعنا يعلم أن الإعلام له السلطة الأقوى في تغيير الفكر والتأثير على العقول، وهو اليوم له المكانة الكبرى في تحريك الرأي العام والتأثير على العالم أجمع، فنحن نعيش في كوكب واحد من خلال التقارب الفضائي واستخدام الشبكة العنكبوتية، ونشهد حربا إعلامية باتت أكثر ضراوة مؤخرا؛ والواقع يحتم علينا أن نتحرك بشكل إيجابي في هذا المجال وبسرعة ربما تتجاوز سرعة الضوء دفاعا عن بلادنا، ووضعها في مكانتها العلية ومنزلتها السنية التي تستحقها، فهل ينهض إعلامنا؟



[email protected]