آلاء لبني

وقف التراخيص في ظل نقص المدارس!

الأحد - 06 نوفمبر 2016

Sun - 06 Nov 2016

قرار وزارة التعليم بإيقاف التراخيص للمدارس الأهلية والأجنبية ذات المباني المستأجرة غير المصممة لأغراض تعليمية، وأن تعطى المدارس القائمة في مبان مستأجرة لا ينطبق عليها هذا الشرط مهلة سنتين لتصحيح وضعها بالانتقال إلى مبان مصممة لأغراض تعليمية، بهدف رفع مستوى الجودة في التعليم، هذا القرار نادى به الدكتور أحمد العيسى حتى قبل توليه منصب الوزارة. والحق أن سوء الخدمات المقدمة من التعليم الأهلي جزء منه تتحمله الوزارة بسبب عدم ضبط الاشتراطات في المراحل الأولية، وعدم وجود آلية تلزم المدارس بالتحسين السنوي.



قطاع التعليم الأهلي يضم العديد من المباني غير الصالحة والتي تشكل خطرا على السلامة، فبعض المدارس تأخذ تراخيص من الدفاع المدني وقت التجديد بمهلة 3-6 أشهر، وهذه ليست مباني بل قنابل موقوتة ويجب إغلاقها فورا دون أي تهاون.

صدر القرار في ظل سعي الدولة لدعم التعليم الأهلي للوصول إلى نسبة 25% من مجموع الطلاب. هنا أطرح تساؤلا: كيف ستتم المواءمة بين القرارين؟

القرار وآثاره يجب أن يدرسا مع جهات ذات علاقة كوزارة التخطيط ووزارة العمل والشؤون الاجتماعية. مع العلم أن الآثار المترتبة على هذا القرار تختلف من منطقة لأخرى، بل من مدينة لأخرى، وفي ذات المدينة من حي لآخر.



إن وضع وتطبيق القرارات يجب أن يراعيا المتغيرات المكانية، فمن الحكمة وحسن التخطيط اختلاف آلية تطبيق القرارات بين المناطق حسب توفر الأراضي المناسبة وأسعارها، ومستوى وقوة الاستثمار ومستوى التنمية ونوعها في المنطقة، ومستوى دخل الفرد ومدى الإقبال على المدارس الأهلية، فليس من الحكمة مقارنة جدة بحائل!



ولنأخذ على سبيل المثال مدينة مكة لها وضعها الخاص كالآتي:

- المشاريع التطويرية وعمليات النزع والإزالة خلال عامين أزالت 50 مدرسة، مما أدى إلى ضم بعض المدارس إلى بعضها، وتصحيح أوضاع مدارس الجاليات البرماوية والأفريقية التي استوعبتها المدارس الحكومية، مما أدى إلى ارتفاع الكثافة الطلابية.

- اختلاف مدى كفاية توزيع المدارس بين مكاتب التعليم والأحياء بحيث تعاني بعض الأحياء من قلة المدارس كقطاع شرق مكة، وقد تصل أعداد الطلاب في الصف الواحد إلى 45 طالبا، مع وفرة وازدياد في أعداد المدارس في قطاعات أخرى.

- تفرض طبيعة السمات الجغرافية لمدينة مكة نوعية من الأراضي المتاحة يصعب تطابقها مع اشتراطات البلدية فيما يخص المساحة والموقع والشارع.. إلخ، وذلك يرجع لعدد من الأسباب، منها:

- الطبيعة الجبلية لمكة، حيث يتراوح ارتفاعها بين 117 و986م، 81% من مساحتها بين 200-400م، وارتفاع واختلاف نسبة الانحدار، ونوعية الصخور الصلبة وصعوبة عمليات الحفر والتسوية تؤدي إلى ارتفاع متباين في تكلفة الإنشاء المدرسي.

- الأراضي ذات الأسطح المستوية المتسعة تكون مرتفعة الأسعار، حيث تمثل في الغالب نسبة محدودة. فضلا عن ارتفاع قيمة الأراضي أصلا في مكة.

- يتوجب تغيير هذه الاشتراطات حسب خصائص النسيج العمراني لمكة بما يكفل تطوير نموذج مدرسي مرن يحقق الأهداف التربوية التعليمية وينسجم مع النسيج العمراني ويخفض من تكلفة الإنشاء.



والشق الآخر من المشكلة المباني المستأجرة في المدارس الحكومية نحو 258 مدرسة، فهل سيتم بناء وتوفير بدائل عنها خلال عامين بمكة؟! دون ذكر المدارس الليلية ومدارس الدوام المسائي المنتشرة لتغطية الاحتياج. ناهيك عن النقص في أعداد رياض الأطفال الحكومية أو الأهلية، حيث لا يتجاوز عدد الروضات الحكومية 49 روضة.



تطبيق القرار سيختلف بين ملاك ومستثمرين برأسمال جماعي وبين ملاك صغار سيخرجون من العملية التعليمية، ولكن من بقي سيرفع رسوم المدارس التي يعاني بعض السكان من ارتفاعها أصلا، فمستوى الدخل لسكان مكة يميل لفئة متوسطي الدخل، فمثلا تعتزم إحدى المدارس بعد انتهائها من المباني رفع الرسوم 30 ألف ريال وأكثر لطالب الثانوية! يا ترى كم سيقبل على هذه المدارس في ظل انخفاض الدخل؟ وهل سيحقق المستثمرون دخلا يكفل استمراريتهم. مع العلم أن ارتفاع الرسوم لن يقابله ارتفاع في المستوى التعليمي، فمن المعروف أن طلاب المدارس الخاصة في مكة تتراجع نسبهم في القدرات والتحصيلي عن أقرانهم في المدارس الحكومية.. فأين الجودة؟!