مفلح زابن القحطاني

حول التطوع وتنمية المجتمع

الأحد - 06 نوفمبر 2016

Sun - 06 Nov 2016

التطوع عمل اجتماعي مهم ومؤثر وثقافة جميلة، وهو ركيزة أساسية لها أثرها البالغ في دعم العمل العام وتنمية المجتمعات الإنسانية، ولا يقتصر التطوع على التمويل والدعم المادي؛ فقد يكون مشاركة بالجهد وقد يكون بالرأي، وهو يجسد القيمة العليا للعمل الجماعي الذي يتعاون الأفراد في إنجازه، ويؤكد نضوج الفكر، ويعكس مستوى الوعي العام.



وإذا كانت ثقافة التطوع والعمل الاجتماعي المشترك أخذت تتنامى في مجتمعنا السعودي ولله الحمد، ولاسيما أن وزارة العمل والتنمية الاجتماعية قد أتاحت مؤخرا وبشكل واضح الفرصة لتسجيل العديد من الجمعيات على تعدد أنواعها واختلاف اختصاصاتها بصفة رسمية، فإنه ما زال يغلب على ثقافة التطوع في مجتمعنا ارتباطها بالجانب الشرعي والجهات الشرعية.



الخبر الذي نشرته صحيفة الرياض في عددها الصادر يوم السبت الماضي يفتح أفقا جديدا للتطوع، ونافذة يجب استغلالها كنموذج على النحو المناسب؛ حيث ذكرت الصحيفة أنه أجرى مئة متطوع ومهتم بالحفاظ على البيئة رحلة للمشي في الطبيعة، ضمن جهود مجلس التنمية السياحية بالطائف لإحياء درب القوافل الحجري التاريخي بجبال الكر، والذي كان يطلق عليه مسمى درب الجمالة، ويربط بين الطائف ومكة المكرمة عبر منحدرات بالغة الوعورة. وتمثل هذه الرحلة – حسب ما ذكرته الصحيفة - مبادرة في إطار الشراكة المجتمعية بالتعاون مع القطاع الخاص، للاهتمام بالبيئة المميزة بجنبات هذا الدرب الأثري الذي يتجاوز عمره ألف عام، ونشر الوعي العام بالمحافظة على المواقع السياحية والبيئية والأثرية. وحسب ما أكد مدير هيئة السياحة والتراث الوطني بالطائف أمين مجلس التنمية السياحية عبدالله السواط أن هذه الرحلة تدعم هذه التوجهات الهادفة إلى زيادة التثقيف البيئي، وتغيير السلوكيات السلبية قبل وأثناء زيارة المواقع السياحية الطبيعية والأماكن الأثرية والتراثية، وذلك للمحافظة على تلك الأماكن كمورد اقتصادي ومعلم ثقافي وتاريخي، مشيرا إلى أن المشاركين في الرحلة سينفذون أعمال تأهيل ونظافة بالمدخل السفلي لدرب القوافل.



هذه الفكرة الرائعة جديرة بأن تكون نموذجا للعديد من الأعمال التطوعية ذات المردود العالي على المجتمع، ولنتخيل أن كل جامعة ومدرسة بادرت بتنظيم حملات تطوعية لنظافة البيئة وللاهتمام بشوارعنا، ومرافقنا ولنشر الوعي بالعديد من السلوكيات، كيف سيكون العائد إذن؟ بلا شك هو عائد كبير وثمرة عظيمة تبدأ بنشر ثقافة التطوع وتكريس الوعي بهذه القيمة الإنسانية العظيمة، وتنتهي بأنها ستسهم في رسم لوحة من الجمال لمجتمعنا لمدننا ولشوارعنا ومرافقنا.



يجب أن نخرج بمفهوم التطوع من إطاره الضيق إلى آفاق أرحب واتجاهات أكثر اتساعا؛ ولدينا الكثير جدا من الشباب المبادرين والمتحمسين للعمل الوطني المؤسسي المنظم، وإنما ينتظرون فقط أن تقود المبادرة مؤسسات ذات صبغة رسمية، وأن تعمل الجهات الحكومية على زيادة الوعي بهذه القيمة الاجتماعية، وأن يكون التطوع رافدا من روافد التنمية ونافذة عمل اجتماعي مشترك من شأنه أن يعود بالنفع على الفرد والمجتمع، وأن يحقق المصلحة العامة، وأن يكرس مفاهيم البذل والعطاء.



[email protected]