سحر أبو شاهين

سأقود ولن أُغتصب

السبت - 05 نوفمبر 2016

Sat - 05 Nov 2016

المرأة السعودية هي الوحيدة في مجرة درب التبانة التي ما زالت تكافح للحصول على حقها في قيادة سيارة، أو حتى «تكتك»، يكفيها ذل استجداء «توصيلة» من زوج جائر أو شقيق غير مبال، ويغنيها عن استغلال السائقين وزيادتهم المستمرة للأسعار.



ستوفر حينها قرابه 18 ألف ريال سنويا، أجور سائق شاركها في راتبها مكرهة.



حيث تقدر تكلفة ما تنفقه على المواصلات شهريا 816361 موظفه سعودية يعملن في القطاعين العام والخاص 1,224,541,500 ريال سعودي، يدفعن أجرا شهريا للسائق متوسطه 1500 ريال.



وهذا دون احتساب ما تنفقه الموظفات غير السعوديات البالغ عددهن 772816 موظفة، بحسب إحصائية وزارة العمل والتنمية الاجتماعية لعدد المشتغلات الإناث لعام 2015.



لا أعلم كيف يريدون التوسع بتوظيف النساء في القطاع الخاص وهن لا يملكن القيادة لمكان عمل قد يبعد ساعة أو أكثر عن مساكنهن، بل قد تكون ساعات العمل مقسمة على فترتين، مما يخلق صعوبات في الوصول كانت وراء عزوف كثيرات عنه أو استقالتهن بعد فترة وجيزة.



يتخيل معارضو قيادة المرأة أن إقرارها يعني أن أول «مشوار» للفتاة هو للاجتماع بـ«البوي فرند»، كما يتصورون شوارع السعودية تغص بسائقات مثيرات، يطاردهن قطيع من الثيران الهائجة، وأن نوافير من الأطفال اللقطاء تتناثر أثناء ذلك حتى لا يقوى عمال النظافة على جمعهم، ويسرفون في وصف خطورة تعطل السيارات الجديدة فجأة وتعرض قائداتها للاغتصاب على جانبي الطريق!! أصحاب هذا التصور المريض هم بالتأكيد أحفاد من حاربوا كل جديد ووضعوا عقبات وهمية لكل تطور طبيعي فنادوا بإغلاق مدارس البنات ومنع الهواتف السلكية وحظر الجوالات.



مخاوف ليس لها مبرر شرعي ولا منطقي، ناجمة عن قلقهم من فقدان السيطرة على نسائهم، وخسارة ما يمدهم به ذلك من رضى ذاتي وإحساس زائف بالأهمية.



المضحك أن هؤلاء ما إن يواجهوا بعدم حرمة القيادة - إذ السيارة هي الصورة الحديثة للدواب التي امتطتها الصحابيات في زمن النبوة - حتى يعيدوا أسطوانتهم المشروخة عن عدم جاهزية المجتمع و»خصوصيته الفريدة»، ووجود قضايا أكثر أهمية من وضع المرأة خلف مقود سيارة، متناسين عمدا نساء مُهْمَلات لا أحد لديهن ليقضي حوائجهن الملحة.



يبدو أن هؤلاء يظنون أن قرار القيادة سيكون إجباريا وستجر النساء من غرف نومهن ويدفعن مرغمات لمدارس تعلم السياقة! أبقوا على نسائكم تحت جناحكم إن رغبتم، وعالجوا مرضى «اللقافة» و»الوصاية» على الآخرين لديكم.



ملف قيادة السعوديات بات خنجرا في الخاصرة، سلاح لأعداء الوطن ينالون به من لحمته وتماسكه ويضربون فئاته ببعضها، مادة فكاهية دسمة للتندر بنا وللرسوم الكاريكاتورية في الإعلام الغربي، وإقفاله بأسرع ما يمكن ضرورة حتمية.



لماذا لا تعمم التجربة الناجحة لقيادة السيدات في مدينتي الظهران وكاوست؟ فالمرأة السعودية ليست هشة وضعيفة كما يصورها معارضو القيادة، هي بحاجة فقط لاستقلاليتها، للوثوق بروحها الطموحة ونفسها الأبية، لتمكينها أن تكون نصف المجتمع على أرض الميدان، لا كرقم في إحصاءات لا يكترث لها أحد.