الوايت يا صاحب المعالي!

السبت - 05 نوفمبر 2016

Sat - 05 Nov 2016

شكرت الله على الفرح الذي أحسست به والسعادة التي غمرتني عندما سكنت في الحي الجديد فلقد أصبحت جارا للمركز الصحي حيث الرعاية الأولية، دون الحاجة لزحمة المستشفيات الكبيرة الحكومية أو الخاصة (أغنانا الله عنها)، ولا أخفيكم سرا فلقد فاقت سعادتي وفرحتي سعادة وفرحة صديقي أحمد غراب الذي أخبرنا يوما أن أسعار الأراضي ارتفعت في حارته، لأن فوالا مشهورا في جدة فتح فرعا له بجوار بيته.



زرت المركز القريب لأؤكد فرحتي وأتباهى أمام صديقي بما يميز حارتنا عن حارته، وكنت يومها أتألم من أسناني التي سلبت مني النوم لثلاث ليال متتاليات لم ينفع معها مسكن ولا قاتل ألم (pain killer) كما يسميه الأمريكان في حملاتهم التسويقية المبالغ فيها كثيرا.



وجدت في المركز استقبالا حسنا ولطفا ملموسا واهتماما أكثر مما توقعت، وأبلغت المدير بذلك وقد حرصت عليه قبل أن أغادر، وكررت عليه القول المأثور في هذه المواقف (إن دل هذا على شيء فإنما يدل على حسن إدارتكم).



صرفت لي الطبيبة السعودية في المركز - جزاها الله عني خير الجزاء - ما خفف عني الألم وأراحني في نومي ومكنني من الطعام والشراب والاستمتاع بما وجدت أمامي من حلويات ومكسرات وطيبات كثيرة كنت قد حرمت منها بسبب ألم الضرس الذي أكد لي ما تعلمناه في دروس المطالعة، وحتى دروس الخط عندما كان التعليم يعتني بالخط أن (الصحة تاج على رؤوس الأصحاء لا يراه إلا المرضى) أو من ضربهم السوس أو سقطت حشوة أسنانهم مثلي.



وأخذت أعد الليالي والأيام مواظبا على (كورس) الدواء الذي استمر خمسة أيام بلياليها حسب إرشادات الطبيبة (أثابها الله) والتي طلبت مني مراجعة العيادة فور الانتهاء من تناول العلاج، وذهبت مستبشرا واثقا من أن معاناتي مع الضرس قد انتهت وأن المركز الصحي في الحي ومن فيه من الأكفاء والمخلصين قد وضعوا نهاية لها.



دخلت المركز قبيل الظهر لأجد نفس الروح الطيبة والخدمة الجيدة التي لمستها في زيارتي الأولى، وأخبرت الطبيبة بروح التلميذ المثالي الذي أحسن أداء فروضه المدرسية، مؤكدا لها أني أتممت جرعات الدواء (ولم أخالف لها أمرا) في أوقات الجرعات أو طريقة البلع، ولكن وكما يقول المثل (يا فرحة ما تمت) قالت لي الطبيبة - بعد أن أقفلت فمي وكنت أريد أن أؤكد لها زوال الألم ورحيل الالتهاب إلى غير رجعة: المعذرة فنحن اليوم في المركز لن نستطيع علاجك.



نظرت إليها في مرارة متسائلا لماذا؟



قالت: ما عندنا موية، ولقد طلبنا الوايت ولم يصل الماء حتى اليوم، ولكن (وكأنها تربت على كتفي معنويا) خذ هذا الرقم واتصل بنا، وعندما يصل الوايت إلى المركز سوف نطلب منك الحضور، شعرت بمرارة وقلت في نفسي (وكنت قد بالغت في المباهاة بخدمات الحي الجديد أمام أصدقائي وعلى رأسهم أحمد غراب): يا ويلي من تعليقات أصحابي.