(لا) تتبع شغفك
السبت - 05 نوفمبر 2016
Sat - 05 Nov 2016
قد يلاحظ البعض - تزامنا مع سلسلة القرارات الاقتصادية الأخيرة - انتشار نبرة الإحباط وبسرعة بين الشباب، خصوصا أولئك الذين جنوا من ثمرات الطفرة بشكل أو بآخر. هناك حقائق بسيطة لن تستطيع كل الشعارات البراقة تغييرها أو التخفيف من وهجها، وإحدى هذه الحقائق هي أن عصر شد الأحزمة بدأ. شخصيا أزعم كذلك بأن عصر نهاية الشهادات بدأ أيضا.
في المقالين الماضيين تحدثت عن رحلة التعلم المستمر ولمحت فيها إلى الدور المحوري الذي تلعبه المهارات الشخصية في المستقبل في ظل تضاؤل قيمة الشهادات الاسمية بل وانعدامها في بعض الأحيان. على هذا المنوال، يهتم الكثير من الشباب سواء طلاب أو موظفين بمسألة «الشغف» وتعريفه وأين نجده وكيف نبدع فيه وما إلى ذلك من تساؤلات تضمر افتراضات قد لا تكون صحيحة من الأساس. أهم هذه الافتراضات هو أن الشغف شيء ما موجود مسبقا ينتظرك بفارغ الصبر وأن عليك أن تجده فحسب لتبدأ مسيرة النجاحات الرائعة. ولكن الواقع والتجربة يخبراننا أن الشغف ليس كذلك. الغالبية الكبيرة من المبدعين والناجحين لم يصلوا إلى ما وصلوا إليه بفضل «الشغف» المغمور أو الجينات، بل لأنهم أفنوا ساعات طويلة للغاية في الاستعداد والتدريب والمعاناة، لماذا؟ لأنك حينما «تجد شغفك» وتبذل فيه جل وقتك وحياتك ومالك، يتحول هذا الشغف إلى تابوت يحد من حركتك ومسيرتك الحياتية وعلاقاتك الاجتماعية وما إلى ذلك. يصبح هذا الشغف هو شغلك الشاغل ويحدك بهذه الطريقة داخل قوقعة صغيرة وسط عالم كبير ومليء بالفرص.
خطر «عقلية تقديس الشغف» الحقيقي يكمن في قلة الصبر بل ونفاده سريعا، ما إن يشعر صاحبنا الباحث عن الشغف بالملل أو الجزع مما يعمله، سواء كانت وظيفة أو مجالا دراسيا أو ما إلى ذلك، يفكر مباشرة بالبحث من جديد وتغيير الوظيفة أو التخصص. وهذا بالطبع يؤدي إلى مزيد من الخسارة في الوقت والمال والجهد وما سوى ذلك. لو دققنا جيدا في سير الناجحين والمنجزين لوجدنا أن كثيرا منهم لم يملك شغفا واضحا في بدايات تكوينه بل كثيرا ما تكون البداية مليئة بالعمل الجاد والمتواصل دون تلكع أو اعتبار مبالغ فيه لأهمية الشغف. الفشل عند عقلية الشغف كثيرا ما يعني النهاية ويرمي بصاحبه في أحضان الاكتئاب والهزيمة، لأن هذا قد يعني أنه يعيش خدعة ما. الخطر الآخر الذي لا يقل شأنا عن الأول هو التقليل من أهمية الاستثمار المبكر في التعلم المستمر واكتساب المهارات بدعوى عدم الرغبة في التشتت أو التغيير، خصوصا حينما يتطلب التعلم والتدريب وقتا طويلا. تبحث «عقلية الشغف» دوما عن إشارات تطمينية مباشرة مثل النتائج العاجلة أو المكافآت اللحظية أو العوائد السريعة، وإن بدا عكس ذلك.
أحد أهم الطرق الناجعة لكشف خدعة الشغف اللحظي سواء كانت في مجال أو في تخصص هي الممارسة الفعلية، وإن كان الشغف شغفا معرفيا فالممارسة تكون بالقراءة المكثفة للتعرف عن قرب على طريقة التفكير والكتابة ونحو ذلك. الممارسة المباشرة للتجربة - بدل القراءة عنها أو مشاهدة قصص الناجحين الملهمة - تعلم الكثير من الدروس والأسرار التي لا تكاد تراها من الخارج أو عن بعد. أما الطريقة الأخرى فهي الاستعانة باستشارات الآخرين ممن لهم يد طولى في التجربة المعرفية أو الحياتية. الأمر الثابت ألا تتعثر عجلة التعلم والممارسة لأن هذا هو السبيل الأمثل للنضج. أما الشغف، فليس سوى مشاعر تتلاشى مع مرور الوقت.
الشغف العارم
1 رغبة عارمة في أداء العمل بدون توقف (إدمان)
2 الشغف أهم قيمة في حياة الشخص وأهم نشاط يملأ يومه
3 الضجر اللحظي من أداء أي مهمة لا علاقة لها بالشغف
الشغف المتناغم
1 إمكانية التوقف عن ممارسة العمل لأداء أمور أخرى بكل سهولة
2 يستمتع الشخص بأنشطة متنوعة عديدة وعلاقات اجتماعية كبيرة خارج إطاره
3 الاستمتاع الدائم بأداء الأنشطة وتعلم الأمور الجديدة
[email protected]
في المقالين الماضيين تحدثت عن رحلة التعلم المستمر ولمحت فيها إلى الدور المحوري الذي تلعبه المهارات الشخصية في المستقبل في ظل تضاؤل قيمة الشهادات الاسمية بل وانعدامها في بعض الأحيان. على هذا المنوال، يهتم الكثير من الشباب سواء طلاب أو موظفين بمسألة «الشغف» وتعريفه وأين نجده وكيف نبدع فيه وما إلى ذلك من تساؤلات تضمر افتراضات قد لا تكون صحيحة من الأساس. أهم هذه الافتراضات هو أن الشغف شيء ما موجود مسبقا ينتظرك بفارغ الصبر وأن عليك أن تجده فحسب لتبدأ مسيرة النجاحات الرائعة. ولكن الواقع والتجربة يخبراننا أن الشغف ليس كذلك. الغالبية الكبيرة من المبدعين والناجحين لم يصلوا إلى ما وصلوا إليه بفضل «الشغف» المغمور أو الجينات، بل لأنهم أفنوا ساعات طويلة للغاية في الاستعداد والتدريب والمعاناة، لماذا؟ لأنك حينما «تجد شغفك» وتبذل فيه جل وقتك وحياتك ومالك، يتحول هذا الشغف إلى تابوت يحد من حركتك ومسيرتك الحياتية وعلاقاتك الاجتماعية وما إلى ذلك. يصبح هذا الشغف هو شغلك الشاغل ويحدك بهذه الطريقة داخل قوقعة صغيرة وسط عالم كبير ومليء بالفرص.
خطر «عقلية تقديس الشغف» الحقيقي يكمن في قلة الصبر بل ونفاده سريعا، ما إن يشعر صاحبنا الباحث عن الشغف بالملل أو الجزع مما يعمله، سواء كانت وظيفة أو مجالا دراسيا أو ما إلى ذلك، يفكر مباشرة بالبحث من جديد وتغيير الوظيفة أو التخصص. وهذا بالطبع يؤدي إلى مزيد من الخسارة في الوقت والمال والجهد وما سوى ذلك. لو دققنا جيدا في سير الناجحين والمنجزين لوجدنا أن كثيرا منهم لم يملك شغفا واضحا في بدايات تكوينه بل كثيرا ما تكون البداية مليئة بالعمل الجاد والمتواصل دون تلكع أو اعتبار مبالغ فيه لأهمية الشغف. الفشل عند عقلية الشغف كثيرا ما يعني النهاية ويرمي بصاحبه في أحضان الاكتئاب والهزيمة، لأن هذا قد يعني أنه يعيش خدعة ما. الخطر الآخر الذي لا يقل شأنا عن الأول هو التقليل من أهمية الاستثمار المبكر في التعلم المستمر واكتساب المهارات بدعوى عدم الرغبة في التشتت أو التغيير، خصوصا حينما يتطلب التعلم والتدريب وقتا طويلا. تبحث «عقلية الشغف» دوما عن إشارات تطمينية مباشرة مثل النتائج العاجلة أو المكافآت اللحظية أو العوائد السريعة، وإن بدا عكس ذلك.
أحد أهم الطرق الناجعة لكشف خدعة الشغف اللحظي سواء كانت في مجال أو في تخصص هي الممارسة الفعلية، وإن كان الشغف شغفا معرفيا فالممارسة تكون بالقراءة المكثفة للتعرف عن قرب على طريقة التفكير والكتابة ونحو ذلك. الممارسة المباشرة للتجربة - بدل القراءة عنها أو مشاهدة قصص الناجحين الملهمة - تعلم الكثير من الدروس والأسرار التي لا تكاد تراها من الخارج أو عن بعد. أما الطريقة الأخرى فهي الاستعانة باستشارات الآخرين ممن لهم يد طولى في التجربة المعرفية أو الحياتية. الأمر الثابت ألا تتعثر عجلة التعلم والممارسة لأن هذا هو السبيل الأمثل للنضج. أما الشغف، فليس سوى مشاعر تتلاشى مع مرور الوقت.
الشغف العارم
1 رغبة عارمة في أداء العمل بدون توقف (إدمان)
2 الشغف أهم قيمة في حياة الشخص وأهم نشاط يملأ يومه
3 الضجر اللحظي من أداء أي مهمة لا علاقة لها بالشغف
الشغف المتناغم
1 إمكانية التوقف عن ممارسة العمل لأداء أمور أخرى بكل سهولة
2 يستمتع الشخص بأنشطة متنوعة عديدة وعلاقات اجتماعية كبيرة خارج إطاره
3 الاستمتاع الدائم بأداء الأنشطة وتعلم الأمور الجديدة
[email protected]