أحمد الهلالي

المظلمون على أفواهنا بركوا!

الجمعة - 04 نوفمبر 2016

Fri - 04 Nov 2016

في فضاءات التواصل الالكتروني اليوم، يحدث أن تكتب رأيا تراه من باب (حرية التعبير)، لا يمس ثابتا من الثوابت الدينية أو الوطنية أو الأخلاقية، وتفاجئك ردود الأفعال المنثالة، فتقعد ملوما محسورا من هجومات عنيفة وقراءات لنواياك، ربما تصل إلى اتهامات وأحكام تحيك في صدرك، وتشعرك بضراوة (أحاديي النظرة).



أحاديو النظرة الالكترونيون ليسوا (مشكلة) في الحقيقة، فباستطاعتك كشخص يملك السيادة الكاملة على حسابه أن تستخدم (الحظر) وأخواته على كل من يتجاوز حدود اللياقة والأدب، لكن (القضية) الحقيقية أن ثقافة الوصاية لا تزال تنتشر في بعض المؤسسات، فقد علمت عن أحد الأصدقاء أن زميلين له استدعياه وانفردا به للمناصحة إثر تغريدة له، والنصيحة لا اعتراض عليها حين تكون في سياق النصح، لكن بين النصيحة و(الوصاية) خيط دقيق حين يحاول الناصح فرض رؤاه عليك، وحين تكون طقوس المناصحة مثيرة ومفاجئة، تسبقها اتصالات، ولقاء ناصح يأخذك إلى ناصح آخر، ستشعر أن الأمر أكبر من نصيحة عابرة.



للأسف، وأقولها بكل مرارة، للأسف، لا يزال البعض يرتدي جلباب (الوصي) على أفكار الآخرين ورؤاهم، وربما يناصبك العداء إن لم تسر في ركب أفكاره ورؤيته وقراءاته للواقع، وهذا القول لا أقوله من باب (سمعت، أو قال لي أحد الثقاة) بل من واقع تجارب كثيرة، ليس آخرها موقف أحد أصدقائي الذي أدين له بالفضل، لكن لا يعني فضله في جانب من جوانب حياتي أن أتماهى مع أفكاره، وحين اختلفنا فكريا تغير صاحبي، وقلب لي ظهر المجن، واستكبر حتى عن السلام، ومنّ، وصنفني واتهمني اتهاما مباشرا أني أخطب ود فلان وعلان، ثم بالغ حتى اغتابني بالسوء في محاولة بائسة ترمي بشررها إلى تشويه فكري وتوجهاتي (عند الأقربين) كل هذا لأنني لم أتخذه إماما!!



أجزم أن الكثيرين يعانون من هذا المأزق المر، وما انتشار المعرفات المستعارة (للأسوياء) إلا خشية الوقوع في هذه (الكمائن)، خاصة أن بعض الأوصياء ربما يراه مخولا بمحاسبة قريبه، أو صديقه، أو مرؤوسه في العمل، إذا رأى منه ما يظنه خطأ من (وجهة نظره هو)، وأعرف الكثيرين ممن يحضرون النقاشات الحامية ويلوذ بالصمت، ويجبن عن الكلام خشية احتراق ثوبه بالشرر المتطاير، لكنه يتصل (بأحد الطرفين) مؤازرا ومبديا التأييد والتضامن، ولا أتهمه بالجبن حين أعلم أن الوصي سيقف صخرة في طريق مصلحة يترقبها في عمله أو دراسته أو حياته الاجتماعية.



لا ضير أبدا أن يدلي الإنسان برأيه في أمر ما، ملتزما آداب الحوار والنصح، لكن ارتداء عباءة (الوصي) مؤذية، وجالبة للتباعد والنفور، وقطع أواصر الود وروح الحوار المثري، فالاعتداد بالرأي ورفع لافتة (لا أريكم إلا ما أرى) هي اللافتة الأبرز في حواراتنا ونقاشاتنا التي تفضي دائما إلى عداوات لا مبرر لها البتة.



أخي القارئ، تفقد رداءك، فإن لمست فيه شائبة من الوصاية والقمع، فاعتذر من ذاتك أولا، ثم اغسل الشائبة بالتسامح، وستكون أنيقا مرتاح البال. والسلام.



[email protected]