شاهر النهاري

تحطيم قوالب المناصب

الجمعة - 04 نوفمبر 2016

Fri - 04 Nov 2016

أن ينعزل فنان مشهور في قالب عاجي، ويفصل بين شخصيته الواقعية وبين شخصية عمله، فيتعامل مع الإعلام بحذر شديد، لكي يستمر لغزا أمام جمهوره؛ أمر يمكن قبوله، بل وربما يراه البعض مستحبا لصنع هالة وهمية حول الفنان، وتلميع صورته، وتكوين أسطورة مرسومة بالكذب والنفاق، والبهرجة، فلا يضطر لمقابلة الجمهور ولا لشرح ما يفعل، وما لا يفعل.



وما أسرع ما تتحطم صور الفنانين تلك بمجرد مواجهة يتيمة مع الجمهور الواعي.



وما حدث لوزراء حلقة الثامنة كان شبيها بتلك المعاني، حيث أسفرت نهايتها عن تكسير أنماط الغموض الوزارية، سواء أثناء المقابلة، أو من خلال التعاطي مع نتائجها في مواقع التواصل الاجتماعي، والقنوات الإعلامية، فكأنهم تعرضوا لزلزال دمر قوالبهم، وأتت توابعه على بواقيهم في حلقة الترميم الملحقة.



وقد أثبت المشهد أن المواطن السعودي يشعر بإرهاصات نفسية شديدة، ويعاني من غموض، وتهديد وظيفي، يزيد من سوئه تراكم الظروف السياسية والاقتصادية على وطنه.



ورغم أضرار الحلقة على الوزراء، إلا أنها أنتجت للوطن الكثير من الفوائد المرتجاة:



1. لا بد أن القيادة العليا للدولة، قد استفادت كثيرا من معاني ومفهوم الحدث، وميزت الفوارق، وتنبهت لوجود الفجوات العظيمة بين الوزراء والمواطنين.



2. لا بد أن جميع الوزراء، سواء من شاركوا في اللقاء، أو ممن تابعوه عن بعد، استفادوا بمعرفة أن العصر الحالي يختلف، وأن مواطن الرؤية يباريهم في الإدراك، والمعرفة، والقدرة على التنظير، واكتشاف الخلل أينما وجد.



3. إعلامنا الرسمي عرف أن الجميع قد صلوا عليه صلاة الغائب.



4. الإعلام الخاص عرف أن الدعم والزمن الحاضر فرصته، رغم بدائية برنامج الثامنة إعدادا وتقديما.



5. تكسير القوالب الوهمية، والصور النمطية للوزراء، في أول مواجهة لهم مع المواطن، رغم عظيم حيطتهم، حيث نجحت الحلقة من حيث فشلت، وأحدثت ثورة فكرية شعبية، جعلت المواطن البسيط يمد قدميه أسوة بأبي حنيفة.



6. استبشر المواطن بإمكانية الاستمرار بالمكاشفات مع المسؤولين الكبار، وأن تشمل معظم الزوايا والأحداث، كون المسؤول خادما للشعب، لا يجب أن يحتجب عنهم، أو يسيء لهم، ولا أن يشكك في معطياتهم، أو يشعرهم بالخزي، ولا أن يضغط على معنوياتهم مقابل نيل حقوقهم.



7. ومن خلال حلقة الترقيع الإضافية، التي استضاف فيها الشريان بعض مثقفي الوطن، عرف الجميع كم في هذا الوطن المعطاء من كفاءات، وكم قد نسي غيرهم.



8. الإعلام الخارجي، والأعداء استفادوا من الحدث كثيرا، وبما قد لا تحققه لهم أكبر حملات الكيد والتشويه.



دعونا إخوتي نحمد الله، ونتأمل أن تكون الفوائد المستقبلية أعم، سواء لقيادتنا، أو لكبار المسؤولين، أو للمواطنين، بمعرفة أن المناصب ليست مجرد أسماء، بقدر ما يجب أن تكون خلاصة فكر، ومعرفة، وإدارة، وقدرة، ومصداقية، وأمانة، وإخلاص للوطن والثرى، والقيادة، وبالتالي للمواطن، الذي هو خلاصة معاني الوطن.



كما نأمل أن يتم تأهيل المسؤولين قبل تولي مراحل القيادة العظمى، فكم هي فاجعة أن يكون المواطن أكثر معرفة وحكمة من وزير.



نحن وطن مقدم على تحول عظيم، والرؤية المستقبلية لن تقبل وضع أحد في منصب هام دون إدراك للأضرار العظيمة، التي ستنتج من وجوده في هذا المنصب الفائق الحساسية.



[email protected]