الشك: أساس التفكير، (حصانة): أساسها التكفير!!

بعد النسيان
بعد النسيان

الجمعة - 04 نوفمبر 2016

Fri - 04 Nov 2016

لم تخرج فكرة (وحدة التوعية الفكرية/ حصانة) التي وجه وزير التعليم مؤخرًا بتفعيلها في كل مدرسة، عن مظلة التعليم النظامي ـ نسبة إلى الوزير السلجوقي (نظام الملك ت 1092م) ـ القائم إلى اليوم على تكفير الفلاسفة، والطوائف الإسلامية المخالفة لأهل السنة والجماعة؛ بل وإقصاء المذاهب السنية المخالفة للمذهب المعتمد من الدولة!!



وكل ما فعله معالي الوزير اليوم هو تخفيفه من حدتها الصريحة في مسمى (لجنة التوعية الإسلامية)؛ ليوسع نشاطها من تحصين الداخل فقط؛ على أنه (الإسلامي) وما عداه (غير إسلامي) بدهيًا، إلى التحصين من كل فكر آخر! وهو اعتراف بفشل التحصين الداخلي، وبالتالي فشل التعليم النظامي برمته!!



ومن ناحية أخري: فإن كان فيها شيء من البناء حسب المسمى الأول؛ فإنها هدم فقط في المسمى الحالي! بل إنه يخلصها من الاعتراف بالفشل، الذي كان سيؤدي بالضرورة إلى مراجعة النفس وإصلاح الأخطاء، وتطوير الإجراءات البالية!!



ولم يزد تغيير المسمى على أن بعث السؤال المرير: إذا احتاج طلاب النظام التعليمي (الإسلامي) إلى لجنة للتوعية (الإسلامية) فهل ستنقذه لجنة للتوعية (الفكرية) ؟ ووزارة تفشل في البناء هل يرجى منها النجاح في الهدم؛ إن استطاعت؟! وهل تتوقع أن يقوم على (حصانة) من هو أعلم من الإمام (أبي حامد الغزالي)؟ الذي كان من أوائل المعلمين في المدارس النظامية، ولم يجد صعوبة في نسف قواعد الطوائف والمذاهب الإسلامية؛ لأنها قائمة على التقليد وتقديس الرموز؛ ولكنه اضطر أن يصلى جحيم (الشك) ـ والإلحاد ضمنيًا ـ قرابة (15) عامًا؛ انتهى بعدها صوفيًا درويشًا، تقدسه بعض الشعوب السنية، وتسميه (حجة الإسلام)؛ بينما (تبدِّعه) و(تفسِّقه) شعوب أخرى!



والتوجه السائد في الوزارة يتبنى تبديعه وتفسيقه؛ بل وتكفيره!! رغم صحة كثير من نظرياته (الفكرية)؛ كعبارته الشهيرة: «من لم يشك ولو ساعة في حياته لم يبلغ درجة الإيمان واليقين»!



أما الشك العقلي فقد جعله (ديكارت) منهجًا علميًا رياضيًا قابلاً للتعلم والتطبيق، في خطوات أربع، أولها: «التخلص من كل القناعات السابقة»! وهو ما وصلت إليه ابنتنا (خلود بارعيدة)، وكان عليها أن تكمل بقية الخطوات (التفكيك ـ التركيب ـ الاستنتاج)؛ لكنها استنتجت أنها لم تعد مسلمة؛ بمجرد أن أنجزت الخطوة الأولى! وهو بالضبط ما تفعله (حصانة) بعقول الأجيال!!