سهام الطويري

أدباء الاحتقان: اليأس بضاعة المفلس

الثلاثاء - 01 نوفمبر 2016

Tue - 01 Nov 2016

يعيش الأديب ضمن أطر عصره عبر الحقب الزمانية، حتى يعالج قضايا مجتمعه ويسهم في تأسيس وتعديل وتطوير هذا المجتمع من خلال الواقع المعاش. إلا أن إرهاصات الحروب في العقود العربية الأخيرة عملت على تخلف عجلة النمو الثقافي في أقطار العالم العربي عموما، وأفرزت مثقفي «التوجه السياسي» سيرا على وتيرة الصراع على حلبة تغير معادلات المصالح بين الدول. نحن أشبه بوجودنا في صحراء ثقافية قاحلة قلما نلتمس فيها واحة أو حتى سراب لها تنبع منه ينابيع أدبية ملهمة ومشوقة للحرف الأدبي الفاخر بعيدا عن روائح رماد الحروب.



نحن في حقبة وعقد زمني في منطقتنا العربية لا تلونهما سوى رياح التغيير الديموغرافية المهلكة للحرث والنسل، فليس مستغربا أننا قد نجد بعد عقود بيوت العنكبوت تنسج شباكها على أرفف أدب العصر الدموي الحديث. من المؤسف أن أدب الدماء لا ينشأ عبر العصور إلا بتخليق بيئته في المجتمع عبر أدباء الاحتقان، لم تكن الشعوب تنزف عبر معارك التاريخ لولا كلمة الأدب والترويج الثقافي لها خلال منصات الخطابة والشعر والتأويل الديني. ولم تكن الشعوب لتتفهم أهمية استمرارها وتحضرها لولا كلمة الأدب أيضا، فيمكننا المقارنة بين موجات الحروب العالمية التي عصفت بأوروبا وبين موجات الحروب في العصور الوسطى لنرى كم البون الشاسع في نزيف الدماء وتدمير الحضارات والبلدان.



في الحالة العربية الواحدة الراهنة فرضت كلمة الأدب قيمتها في رفع وتيرة الشقاق والاستعداء بين أطياف المجتمع الواحد، ناهيك عن تحول الأبواق الإعلامية المتذبذبة على منابر الاستعداء بين الأمم العربية بشكل مخز سيسجله التاريخ للعصور القادمة.

أدب الدماء في الحالة العربية ملوث مريب مخز، أشاع فساد الضمائر وأفسح المجال لشيوع بعض القيم الفاسدة في الساحة الثقافية، وهو ما أمات ضمير الأمة بأكملها فيما بين شعوبها، ورفع وتيرة الكراهية بين أفراد الشعوب بلا مبرر مادي. الفكر ضمير للأمم لا بد أن يكون أدبا وفكرا صحيا ليعيش عبر حقب التاريخ في ظل وتيرة الألم المتزايدة في عالمنا العربي وما ترميه من سلبيات تحتقن بها الشخصية العربية.



[email protected]