6 مؤذنين لكل ليلة في الحرم المكي
تصدح في أرجاء مكة المكرمة انطلاقا من الحرم المكي أصوات رخيمة تحمل نداء الإيمان إلى المصلين والزوار والمعتمرين 6 مرات في النهار والليل من أيام رمضان المبارك
تصدح في أرجاء مكة المكرمة انطلاقا من الحرم المكي أصوات رخيمة تحمل نداء الإيمان إلى المصلين والزوار والمعتمرين 6 مرات في النهار والليل من أيام رمضان المبارك
الأربعاء - 16 يوليو 2014
Wed - 16 Jul 2014
تصدح في أرجاء مكة المكرمة انطلاقا من الحرم المكي أصوات رخيمة تحمل نداء الإيمان إلى المصلين والزوار والمعتمرين 6 مرات في النهار والليل من أيام رمضان المبارك.
ففي موعد كل صلاة، يتناهى إلى المسامع صوت مؤذن يختلف عن صوت المؤذن الذي يليه في الصلاة التالية وهكذا حتى صلاة الفجر، إذ يتناوب 6 مؤذنين في اليوم والليلة على رفع الأذان في الحرم المكي، للصلوات الخمس إضافة إلى الأذان الأول قبل صلاة الفجر.
ويعد مؤذنو المسجد الحرام الأكثر أهمية من بين المؤذنين لا سيما في شهر رمضان، الذي اعتاد فيه المكيون وآلاف الزوار والمعتمرون القادمون من كل فج عميق، على انتظار أذان صلاتي المغرب والفجر عبر الوسائل السمعية والمرئية للاستدلال على دخول وقتي الإفطار والإمساك.
بلال الحرم
ويوضح شيخ مؤذني الحرم السابق علي أحمد ملا الذي درج أهل مكة على تسميته “بلال الحرم” أن الأذان مرتبط بالحرم أزليا لأنه بيت من بيوت الله التي يجب أن يرفع فيها نداء الحق عند دخول وقت كل صلاة من الصلوات الخمس.
ويقول ملا لـ”مكة”: في السابق كان يؤذن في الحرم 24 مؤذنا، يعتلون مناراته في وقت واحد لترتفع أصوات الحق في جنبات المسجد الحرام من جهاته الأربع، ليصل الصوت لكل جهة من جهات الحرم، وكان القائمون على شؤون الحرم حينها يستدلون على دخول الوقت بالمزولة.
ولفت إلى أن متابعة المزولة والقيام عليها، أمر خاص ببيت الريس، بداية من الشيخ أسعد الريس ثم تبعه أهل بيته إلى أن استُغني عنها بعد تقدم العلم في هذا الزمان، مشيرا إلى أن شيخ المؤذنين في ذلك الوقت كان الشيخ يعقوب شاكر الذي تبعه شقيقه في مشيخة المؤذنين، قبل أن تصل إلى الشيخ عبدالملك ملا الذي تربيت معه في بيت واحد وخلفته في مشيخة المؤذنين 1427 واستمررت 5 سنوات.
15 مؤذنا
وأكد ملا أن في الحرم المكي 15 مؤذناً يرفعون الأذان والترديد خلف أئمة الحرم في صلوات الفريضة والتراويح، وصلاة الجنائز، وهناك مؤذن ملازم لضمان عدم غياب جميع المؤذنين بسبب ظرف طارئ، أو أمر خارج عن الإرادة، وهناك 3 مؤذنين لصلاة التراويح خلال شهر رمضان، بحيث يصلي مؤذن العشاء 3 تسليمات مع الإمام، فيما يصلي مؤذن المغرب 4 تسليمات أخرى، وتبقى 3 تسليمات، إضافة للشفع والوتر لمؤذن ثالث، ولافتا إلى أن ذلك يعود إلى ضبط الأمور، والتمكن منها دون تعب أو كلل للمؤذنين.
شيخ المؤذنين
وأشار ملا، إلى أن دور شيخ المؤذنين يتمثل في ترتيب الجدول وتوزيع المؤذنين على الصلوات خلال الأسبوع بين فترة وأخرى بما يتناسب مع التزاماتهم ومشاغلهم، مؤكدا أن شيخ المؤذنين يعد حلقة وصل بين رئاسة الحرمين وبين المؤذنين، إذ يلتزم باستلام التعاميم ونقل مضامينها، إضافة إلى التوجيهات الجديدة بكل ما يتعلق بالأذان والمؤذنين.
المكبرية مكان للعمل
ولفت مؤذن المسجد الحرام إلى أن المكبرية الخاصة برفع الأذان، التي تقع في الجهة الجنوبية للمسجد الحرام تعد مكانا للعمل، حيث يتردد عليها المؤذنون بين حين وآخر للقيام بعملهم التشريفي المتمثل في رفع نداء الحق لإعلان دخول أوقات الصلوات في المسجد الحرام بمكة المكرمة، إضافة إلى أنها مقر لضبط الصوت والتحكم فيه، سواء على مستوى مكبرات الصوت التابعة للأئمة، أو التابعة للمؤذنين داخل المكبرية، كما أنها في الوقت نفسه تستخدم للإذاعة والتلفزيون في بعض مراحل البث.
ضبط الوقت
وعن معرفة دخول وقت الصلاة، قال ملا: توجد داخل المكبرية ساعة خاصة بالحرم يُحسب من خلالها الوقت، كما يعتمد على تقويم أم القرى في ضبط الوقت ومعرفة دخول أوقات الصلوات، ومعروف أن العلم الحديث تقدم كثيرا في ضبط هذه الأمور، والحرم المكي الشريف تسخر له أعظم الوسائل الحديثة على مستوى العالم لخدمته في معرفة دخول أوقات الصلوات، مشيرا إلى أن أهالي مكة المكرمة يترقبون أذان المسجد الحرام عبر الإذاعة والتلفزيون للتأكد من دخول وقت صلاة المغرب إيذانا بالإفطار، كما يقومون بالأمر ذاته عند دخول وقت صلاة الفجر للإمساك.
متابعة الجنائز
وفيما يتعلق بمتابعة الجنائز ومعرفة عددها إضافة إلى متابعة تكبيرات الأئمة، أوضح مؤذن الحرم أن هناك اتصالا بين المكبرية وجميع مرافق الحرم لمعرفة دخول الجنائز وأعدادها، إضافة إلى الذكور من الإناث أو الأطفال، وهناك كاميرات خاصة لتمكين المشاهدة والمتابعة أولا بأول في حال صلاة الإمام في مواقع غير مشاهدة بالعين المجردة من خلال المكبرية.
حفظ القرآن
وأبان علي ملا أن اختيار المؤذنين في السابق كان يعتمد على جمال الصوت وحسنه بخلاف ما عليه العمل الآن، إذ يُشترط للمؤذن أن يكون حافظا للقرآن، إضافة إلى جمال الصوت، وإتقان المقام الحجازي، مشيرا إلى أن السيرة الذاتية للمؤذن في غاية الأهمية، إضافة إلى علمه وأخلاقه ومدى تحمله للمسؤولية التي تعد أمرا مهما في تسلم أي وظيفة أو مهنة داخل الحرم المكي الشريف.
دور خارجي
ولفت ملا إلى وجود أدوار مهمة لمؤذني الحرم خارج السعودية، حيث يستذكر في تاريخه، أنه افتتح عدة جوامع على مستوى العالم، إذ قام برفع الأذان في الوقت الذي قام فيه رئيس الحرمين بأداء الخطبة والصلاة، وكانت تلك الافتتاحات قد شملت الولايات المتحدة الأمريكية ومملكة إسبانيا، وكان آخرها افتتاح جامع في جبل طارق، مشيرا إلى أنه أذن مرارا في جامع السلطان بماليزيا، كما قام برفع الأذان في عدة دول عربية منها مصر وسوريا ولبنان.
وأكد أن دور أئمة الحرم هو إيصال رسالة الحرمين في كل أرض يحلون بها، ومشاركة المسلمين فرحتهم في افتتاح جوامعهم ومناسباتهم.
مواقف وتصاريح
وعن إمكان وصول مؤذني الحرم إلى موقع المكبرية في المواسم وأوقات الازدحام، أوضح ملا أن رئاسة الحرمين وفرت للمؤذنين مواقف مجاورة للحرم مفتوحة على مدار الساعة، إضافة إلى تصاريح خاصة بالمرور من جميع المنافذ والشوارع المحيطة بالحرم لتسهيل عملهم وخدمتهم للمسجد الحرام.
وصول أذان مكة لفجاجها عبر الجبال
يرى أستاذ التاريخ الدكتور فواز الدهاس أن الأذان في المسجد الحرام يختلف عن بقية مساجد مكة والعالم.
ويقول لـ”مكة”: المسجد الحرام كان يجمع عدة مقامات للحنابلة والشافعية والأحناف والمالكية، وكان لكل مقام مؤذن، لافتا إلى أنه في بداية العهد السعودي كان بيت الريس موكلا بتوقيت الأذان وإعلان دخول الوقت، بحيث يبدأ شيخ المؤذنين من بيت الريس في ذلك الحين برفع الأذان لتتبعه أصوات المؤذنين في المنارات بشكل تتابعي في جميع جهات المسجد الحرام.
ويضيف: في العصور الإسلامية السابقة كانت هناك منارات على جبال مكة يؤذن منها بعد أذان الحرم المكي ليصل صوت الأذان من خلالها إلى فجاج مكة وأحيائها وأوديتها، وهذه الميزة مما تفردت به مكة عن غيرها من سائر المدن، مشيرا إلى أن التاريخ لا يزال محتفظا لها به.