مفلح زابن القحطاني

ليسوا سواء

الأحد - 23 أكتوبر 2016

Sun - 23 Oct 2016

وجد كثيرون في كلام معالي وزير الخدمة المدنية حول انخفاض مستوى إنتاجية موظف القطاع العام في المملكة العربية السعودية مجالا وفرصة للتعبير عن مشاعرهم تجاه قناعات الوزير نفسه، وتجاه ما صرح به، وهو تعبير كان يلح على الخروج من أنفس هؤلاء الموظفين والمواطنين على هيئة كلمات عتب وتظلم واستياء، وشعور بالظلم تجاه ما تضمنه حديثة وما اشتمل عليه مما رأوا أنه تعميم ومصادرة للجهود.



تصريح الوزير حول نتيجة الدراسة التي انتهت إلى أن إنتاج الموظف السعودي الحقيقي يتمثل في ساعة يوميا وضع مقابل حديث سابق لمعالي الدكتور غازي القصيبي رحمه الله يعزز فيه من قدرة الموظف والشاب السعودي ويراهن على أنه أهل للإنتاجية والإبداع والتميز إذا ما وجد قدرا معقولا من الدعم والاهتمام وتعزيز الثقة والتحفيز.



الموظفون في القطاع الحكومي ليسوا سواء وتعميم النمط أو الحكم فيه ظلم كبير لشريحة تعمل وتنتج وتحرص على العطاء بأقصى ما تملك من إمكانات وأدوات، وهناك موظفون وبعضهم أصحاب مراتب دنيا أو متوسطة وبالتالي مرتباتهم متواضعة بنوا على أكتافهم وبجهودهم مؤسسات حكومية كاملة وأسسوا نظامها وعملوا على جعلها في مصاف المؤسسات المميزة في خدماتها وإنتاجها.



ولا أبالغ أن هناك شعورا مسبقا لدى كثير من القيادات الإدارية والمديرين والمسؤولين حول الموظف السعودي؛ إذ يبدأ الشعور والإحساس حول أي موظف يوجه إلى العمل بالمؤسسة على هيئة شعور سلبي، ويغلب على ظن هذا المسؤول أن الموظف سيكون بلا شك متهاونا ومهملا إلا فيما ندر.



هذا الشعور السلبي من قبل كثير من المديرين والمسؤولين وهذه الصورة الذهنية الموجودة سلفا لديهم يجعلان الموظف في دائرة «الميؤوس منه» منذ مباشرته العمل؛ فتنزع منه الثقة، ويهمش، ولا يحفز ماديا ولا تدريبيا، ولا يعطى شعورا بأنه أحد الكوادر البشرية المكونة لهذه المؤسسة والمسهمة في نجاح هذه المنظومة.



هذه النظرة للأسف تقتل في الموظف كل طموح، وتجعل منه كائنا بشريا يقضي وقته على هامش الحياة؛ فلا يشعر بأهميته، ولا بدوره، ولا يحظى باهتمام كان بالإمكان أن يطور أدواته وإمكاناته، وشعوره بالمسؤولية، ويغير ثقافة العمل عنده إلى ثقافة إيجابية، تؤمن بأهمية العمل والعطاء والإنتاج، وتجعل نجاح المنظومة الإدارية وإنجاز عمل المؤسسة جزءا من تفكيرها وتصورها وعملها وأهدافها.



وبقدر ما نتصور أننا بحاجة إلى أن نتحدث عن الواقع بكل شفافية وصدق ووضوح، وأن ذلك هو بداية الحل، بالنظر إلى أنه اعتراف بوجود المشكلة، وهي مشكلة لا يمكن إنكارها، وتتمثل في انخفاض مستوى أداء وإنتاج الموظف، علينا أن نتصور شعور موظف سعودي متقاعد أنفق 40 سنة في خدمة وطنه، تاركا أسرته، ومكان نشأته، ومعرجا على مناطق المملكة، أينما تم توجيهه عمل وأنتج، حين يسمع عبارات مصادرة جهد الموظف ودوره، وعلينا ألا نستغرب ردة فعل موظف سعودي جاد ومخلص واصل الليل بالنهار وبذل لمؤسسته الحكومية من حسابه الخاص حتى قامت ونجحت وتميزت في أداء دورها.



[email protected]