عبدالله المزهر

قوموا إلى بصمتكم يرحمكم الله!

سنابل موقوتة
سنابل موقوتة

السبت - 22 أكتوبر 2016

Sat - 22 Oct 2016

وبعيدا ـ ليس كثيرا ـ عن «إنتاجية الساعة الواحدة» يأتي أمين المدينة المنورة بما لم تأت به الأوائل، فقرر أن يقوم موظفو الأمانة بالتبصيم خمس مرات في اليوم، اثنتان للحضور والانصراف، وثلاث لإثبات التواجد. والحقيقة أني لم أقرأ تفصيلا كثيرا عن الموضوع وآلياته، وهل يشترط معالي الأمين الوضوء لصحة التبصيم أم إن التيمم يجزئ عن ذلك.



والحقيقة الأخرى أن هذه الفكرة هي سبب السمعة السيئة عن موظفي الحكومة، فالحضور والانصراف هما مقياس الأداء ومعياره شبه الوحيد، أما الإنتاجية والتقييم حسب الأهداف فذلك رجس لا تقترب منه العقلية الإدارية المتوارثة في دوائر الحكومة.



تحفيز الموظفين لتحقيق أهداف واضحة ومعلنة ومكافأتهم بناء على ما يحققونه من أهداف وما ينتجونه أمر يحتاج من «المدير» أن يعمل وأن يفكر، وهذا أمر صعب فيما يبدو، أما مجرد التأكد من وجود الموظف فإنه عمل سهل لا يحتاج لمدير ولا رئيس، ويمكن أن يقوم به جهاز لا يتجاوز سعره بضع مئات من الريالات.



بعض الموظفين، وفقنا الله وإياهم، يحضرون للعمل قبل أن يبدأ وينصرفون بعد أن ينتهي، وهذا هو المجهود الوحيد الذي يبذلونه، ولا يفعلون أي شيء آخر منذ دخولهم مبكرين وحتى انصرافهم متأخرين، والبصمة الوحيدة التي يتركونها في حياتهم هي بصمات أصابعهم على جهاز التبصيم!



ولست ضد الانضباط بالطبع، ولكني أظن أن الموظف حين يجد أن من يقيمه هو جهاز البصمة فإنه لا يهتم لأي شيء آخر. سيحضر ويثبت تواجده وأما ما عدا ذلك فليذهب للجحيم، الانضباط مهم ولكن التحفيز ووضوح الرؤية والعدالة الوظيفية أشياء مهمة إذا كان الهدف هو مزيد من الإنتاجية.



وعلى أي حال..



تكاثرت الضباع على الموظفين الحكوميين وأصبحوا لا يعلمون من أين يأتيهم الضرب، فبدلات تطير وعلاوات تختفي، واتهامات بأنهم لا ينتجون إلا ساعة واحدة، ثم تأتي البصمة خمس مرات، وقد ينتهي بهم المطاف بأن يطلب من الموظف ألا يحضر للعمل إلا برفقه ولي أمره!



[email protected]