حروب عقائدية!

الخميس - 20 أكتوبر 2016

Thu - 20 Oct 2016

‏انتشر هذا العنوان في كثير من الحروب السالفة، وفي الثورات العربية قبل سنوات ‏قليلة، ولا يزال هذا المصطلح يطرق أسماعنا صباح مساء، لا سيما في طليعة هذا المشهد الجائش، الذي يعاني منه (العراق) و(سوريا).



‏ فلا تستغرب -عزيزي القارئ- أن تصدر ضدك فتوى بالكفر تقضي بالبعاد والهجرة لأنك ‹›سني››، أو إن كنت ‏ تعتنق مذهبا آخر فمصيرك قطع أوصال ترمى بالحاويات تحت وطأة البطش‏ والغطاء السياسي المؤدلج بالطائفية، والممنهج بحراك انتقامي تتحكم به إيران ذات الشغف بإدارة الحروب الطائفية في العراق المنكوب، وهو النموذج الأقرب من حيث شناعة ما ألم به من حرب عقائدية مريعة ألقت بظلالها على طوائفه وقاطنيه؛ إذ يعيش الآن معارك طائفية طاحنة تحت غطاء‏ إسلامي مشوه لهذا الدين، ولا أدري ماذا سيتحمل ويحتمل جراء هذه الحروب ذات الصبغة الطائفية والأساليب الوضيعة؟! ‏



‏وفي ظل هذا، تبنت (المملكة العربية السعودية) فكرة التعايش عبر عقد عدة مؤتمرات وندوات عالمية، محاولة بجهد لافت نشر مفهوم التعايش، حاثة المساعي بخطى جادة، ونظرة ثاقبة تجاه الطوارئ التي تناكف المنطقة العربية جراء ما تعيشه. ولعل الأمثلة الحية تقف شاهدة للعيان؛ فما لحق بالدول - التي أخضعتها الثورات العربية نتيجة تصدع القرارات السياسية الداخلية - من مرارة التنكيل والاضطهاد العقائدي الطائفي المقيت؛ وجعلها أرضا خصبة لبث التفرقة الطائفية، لا يلغي محاولة تلك المؤتمرات، التي وإن لم يكن أثرها جليا على أرض الواقع؛ إلا أنها تحسب في خانة تثقيف الدول والشعوب، وتوعيتها بمآلات الأحداث والتغيرات المفاجئة التي لا تخفى على أحد.



‏ولأن مفترقات السياسة لا تقبل سوى تبادل المصالح، ازدادت فظاعة هذه الحروب، التي جعلت من الإسلام شماعة علق عليه السياسيون ودول إثارة البلبلة أهدافهم وكراسيهم دون وازع ديني، فأضحى كرة سياسية يحلو لهم ركلها بشباك التهم كلما سنحت لهم الفرصة؛ وحتى المثقفون - بمشاريعهم التنويرية التي لم تخدم الدين كثيرا- أصبحوا يتخذونه مطية لتحقيق مآربهم الدنيئة، والأدهى من ذلك من بات يستخدم رموزه. بل إن الكارثة الحقيقية التي زادت شراستها على الدين؛ من يطبل دون وعي مع المطبلين دون استيعاب لمشاريعهم الخبيثة، ومخططاتهم البغيضة ونواياهم القبيحة، فالملذات تطغى في أحيان كثيرة على العقول في ظل غياب الفهم والوعي عما يراه أصحاب هذه المخططات العفنة، إذ لا تدرك أبعاد هذه المخططات إلا بعد فوات الأوان.