لماذا نحتاج التعليم الإبداعي؟

الخميس - 20 أكتوبر 2016

Thu - 20 Oct 2016

غالبا ما يضع مطورو المناهج التعليمية احتياجات الفئة المختلفة عن البقية المتشابهة في الدرجة الثانية، فبينما تكون الدرجة الأولى للفئة «المذعنة» للأنظمة التعليمية، الماهرة في الحفظ والسرد تهمش - بشكل غير ظاهر- الفئة صعبة التعليم، أو من قدر لهم أن يكون ذكاؤهم في طاقتهم الحركية المستمرة، أو إفساد الأشياء حولهم لمحاولة اكتشافها، أو محاولة محاكاة وتقليد ما حولهم، أو ببساطة ممارسة احتياجاتهم العمرية دون اكتراث لشيء، والتركيز على ذلك النسق المعروف من التعليم التلقيني وهو مهم جدا، ولكنه ليس كل شيء فهو لا يراعي الاختلاف بين البشر ولا يستثمره.



المربي والمعلم يعزز لدى الدارسين فكرة أن الحصول على الشهادة الجامعية هي الضمان الوظيفي أو زيادة فرص العمل أو حتى التقدير الاجتماعي، فيقومون بإبعادهم ببطء عن مواهبهم الطبيعية، وهم لا يمسكون بصورة واضحة عن المستقبل لكي يعطوهم كل تلك الضمانات، ونحن نقف منذ عقدين على تزايد عدد العاطلين عن العمل من حملة الشهادات الجامعية، وهي مشكلة عالمية عموما، فلماذا لا نزال نغني نفس الأسطورة البالية دون البحث عن وسائل أخرى تقوم على تصور جديد للبيئة البشرية؟



النظام التعليمي لدينا مليء بالعيوب، ولا يختلف عن أنظمة التعليم في معظم دول العالم، نفس الأولويات، ونفس الهيكل التعليمي، ونفس الدافع والتصور الذي ينتج في النهاية إنسانا فقد معظم مواهبه في سبيل شهادات قد تخذله، فالأطفال يولدون ولديهم قدرة طبيعية على التعلم والإبداع، ومواهب هائلة يمارسونها بتلقائية، ويستخدمون حواسهم وفضولهم للاكتشاف والبحث وهذه مفاتيح التعلم الذاتي، ولكنها تصطدم بحائط المناهج التعليمية فتتبدد مع الوقت.



لقد أنشئت الأنظمة التعليمية في بداية القرن التاسع عشر لتغطية الحاجة لليد المدربة في مجال التصنيع، وربط المنهج التعليمي بسوق العمل، وهذا استثمار قومي ناجح دون شك، لكن ظروف الزمن تغيرت، ومن الأجدى العمل بجدية على منح التعليم الإبداعي والإنساني الأهمية ذاتها في صفوف التعليم، فإذا كان الهيكل التعليمي يمنح المجتمع الطبيب والمهندس والمعلم، فإن التعليم الإبداعي يجعل من ثلاثتهم عباقرة في مهنتهم، وينتج المبدع والموهوب في مجالات متجددة، ويختصر الطريق الأكاديمي الطويل على من يريد البدء في حياته العملية مبكرا؛ لأن العقول ستتدرب خلال تعليمها على وضع الخطط وحل المشكلات والتجربة، والأهم الثقة في اتخاذ القرار الفردي وعدم الخوف من الفشل.



التعليم الإبداعي باختصار هو «إنتاج المتعلم للأفكار»، وهو عكس الطريقة النمطية في طرق التعليم - التلقي والحفظ - وهو ما نحتاجه بشدة عند تطوير التعليم لنفخ الروح في العقول الوطنية المدجنة، والاستغناء عن استيراد من يخطط ويفكر لنا، فكل خطط تنموية لا تقوم على تطوير الإنسان والتعليم أولا هي تجارة بائرة.