الموهبة والمعرفة والتحفز الداخلي

العلم والمعرفة أحد العوامل الأخرى المرتبطة بالموهبة وأحد أهم عناصر التدريب الموجه هو العلم والمعرفة. ركز المؤلف على أهمية وجود خارطة ذهنية عن التخصص الذي تعمل به أو الرياضة التي تمارسها وتسعى إلى التميز فيها.



ففي دراسة أجراها أحد مديري شركة «جنرال اليكترك» للبحث في الأسباب التي استخدمتها أكثر الشركات نجاحا والتي سبقت في عائداتها السنوية الشركات الأخرى، وجد أن أحد العناصر الرئيسية لتميز تلك الشركات هو تركيزها على خلفية المدير القائم بها العلمية عن المنتج الذي تنتجه وتعمل عليه وليس بالضرورة خلفيته الإدارية.



أيضا وجدت دراسة أخرى أن الذي يميز لاعبي الشطرنج المحترفين عن الهواة ليس مستوى الذكاء ولكن معرفة المحترفين العميقة باللعبة بما فيها تاريخها والمباريات السابقة التي مر بها أبطال الشطرنج وكيف تمكنوا من تجاوز بعض العقبات، وكذلك عاقبة أنهم لم ينتبهوا لها.



فعندما تكون المعرفة والخارطة الذهنية في تخصصك أحد أهدافك وليست فقط نتيجة ثانوية لحضورك للعمل وممارستك نفس الأعمال مرة بعد أخرى فإن هذا يساعدك أولا على الاستفادة من تلك المعلومات بشكل أسرع، وقد يكون هذا ذا أهمية قصوى في بعض المجالات التي تتطلب تدخلا سريعا بالقرارات، وكذلك يعطيك القدرة على التمييز بين المعلومات ووضعها على الخارطة في مكانها الصحيح ومن ثم استخدامها بشكل صحيح. ففي الجراحة مثلا هناك دائما عدة طرق للوصول إلى أمراض معينة وأورام معينة في أنسجة الجسم المختلفة والتي يمكن لأي شخص أن يعددها ويضعها في قائمة ولكن الخريطة الذهنية المعرفية والتدريب الموجه هو الذي يعطي الممارس أو الجراح القدرة على الاختيار الأصوب والذي يختلف باختلاف العناصر الأخرى المرتبطة بهذا المرض والموجودة على تلك الخريطة الذهنية.



كيف يمكن للموهبة أن تولد



ختم المؤلف الكتاب بفصل يشرح من أين تأتي هذه الرغبة للوصول إلى الأداء العالي والوصول إلى الموهبة والإبداع والجواب باختصار هو الرغبة الداخلية والعزيمة المتولدة في داخل الإنسان والحس الداخلي المحفز لتجاوز كل العقبات للوصول إلى ما يطمح إليه والذي عادة ما يكون سقفه عاليا جدا .



تركيز هؤلاء الأشخاص وتفكيرهم هو المجال الذي اختاروه والهدف الذي يسعون للوصول إليه، فتركيزهم هو على المهمة (كيف يمكن تجاوز هذه العقبة) وليس على أنفسهم (كيف يمكن أن أستفيد أنا من هذه المهمة). وبينما قد توجد البيئة الخارجية بعض التأثير لتوليد هذه الرغبة وتغذيتها في داخل الإنسان إلا أنها تصل إلى مرحلة معينة وبعدها يصبح لها أثر سلبي، فقد وجدت عدة دراسات أن محاولة دفع الناس للإنجاز بالعوامل الخارجية عادة ما يُؤدي إلى أعمال أقل إبداعا. الاستثناء الوحيد هو إن كانت هذه المؤثرات الخارجية تدعم حس الشخص الداخلي ورغبته في الوصول إلى الموهبة والإتقان. وهذه الرغبة الداخلية مرتبطة ارتباطا شديدا بإيمان الشخص بقدرته على تجاوز تلك العقبات للوصول إلى طموحه.



كتاب شيق جدا وغني بالأمثلة والتجارب ملخصه أنه ما دمت تملك مقومات أساسية من القدرات الجسدية والعقلية، وأحيانا حتى مع وجود ضعف في أحدهما، مع وجود دافع داخلي قوي وتدريب موجه لتحسين أدائك في المجال الذي تعمل فيه فلا شيء يمنعك من الوصول إلى غايتك وتحقيق أهدافك وأحلامك وأختم بعبارة تتوافق مع هذا المعنى وهي أحد مقولات المهندسين الحربيين في زمن الحرب العالمية الثانية:



«الصعب نستطيع أن نقوم به مباشرة. المستحيل.. نحتاج أن نعمل عليه وقتا أطول قليلا».