هبة قاضي

شوكة عليها وردة

دبس الرمان
دبس الرمان

الثلاثاء - 18 أكتوبر 2016

Tue - 18 Oct 2016

(لو كتمنا أنفاسنا نموت، إنتا غبي؟) هذا ما قاله أحمد ذو التسع سنوات والذي يعاني من طيف التوحد لمدرسه في المدرسة حين صرخ فيهم قائلا (ولا نفس ولا صوت).



ورغم أن المدرسة والمدرس على وعي تام بحالة أحمد إلا أن الدنيا قامت ولم تقعد، وتم اعتبار ما قاله تطاولا ووقاحة تم تقريعه بشدة عليهما واستدعاء ولي أمره من أجلهما.



حين عاد أحمد للبيت كان في حالة نفسية سيئة جدا، وتحول من ذلك الطفل المنطلق، والسعيد، إلى شخص مهموم ومنغرق في لوم الذات. وبقدر ما رغبت أمه أن تخبئه في قلبها لتحميه من كل هذه المواقف التي لا تنتهي، إلا أن كل ما فعلته هو استيعاب حالته، ومن ثم تكرار الشرح له أنه ليس سيئا، ولكن ما قاله خطأ، وهي مدركة أنها يجب أن تحفزه وتقويه وتعلمه الاندماج والتكيف، فهي وإن كانت تستطيع التدخل اليوم، فالمستقبل مليء بالمواقف الحياتية التي ستعجز عن التدخل أو حتى التواجد فيها.



زينب العقابي فتاة عراقية في عمر الورود وذات ابتسامة متفائلة بطريقة غير اعتيادية، ولنبرة صوتها شغف وإقبال حياتي يندر أن نلقاه في هذا الركن من الكرة الأرضية. وستتعجب أكثر حين تجد أن زينب تقف بكل جرأة وانطلاق على خشبة مسرح تيدكس بغداد بساق اصطناعية مكشوفة للعيون بكل فخر واعتزاز.



تحكي زينب قصة فقدها لساقها في حادث انفجار نجت منه بأعجوبة. الابتسامة موجودة. ثم تستطرد عن حياتها والتحديات التي واجهتها في البدايات للتأقلم مع وضعها الجديد كطفلة معاقة. ابتسامتها تكبر. ثم تمعن في وصف عشقها لإعاقتها، وحبها لتحدي كل ما يبدو أنه صعب، بعيد المنال، أو يقال إنه مستحيل لمن هم في مثل حالتها، بداية من الجري في ماراثون، وانتهاء بركوب الخيل، وأخيرا قرارها التخلي عن الساق الاصطناعية التي بشكل الجسم، وإصرارها على الظهور في كل مكان بهيكل الطرف الاصطناعي رغم كل الصعوبات النفسية بغرض إلهام الآخرين وتحفيزهم. ثم تنهي زينب حديثها سائلة بصوت عالٍ (لدينا ثلاثة ملايين معاق، أين هم؟).



لا نعيش في عالم مثالي. بل ولا نستطيع أن نجبر العالم أن يكون مثاليا. ولكننا نستطيع أن نجبر العالم على احترام اختلافنا واختلاف أحبابنا. نستطيع أن نكسر الحواجز النفسية بداخلنا من خلال توقفنا عن المبالغة بالحماية، إسكات عويل الخزي من الاختلاف، وتخلينا عن إحساسنا بالظلم. والأهم إقدامنا بكل ثقة على الاندماج ودمج المختلفين من أحبائنا وكلنا ثقة في قدرتنا وقدرتهم الفطرية على التلاؤم والتكيف، وأن المواقف الصعبة ما هي إلا محفزات لإثبات الوجود والتميز.



[email protected]





اقرأ أيضاً:

13 أداة نستخدمها ستختفي بحلول عام 2020






.. وكذلك:

حقائق حول الشخص الأعسر