أحمد الهلالي

تغول الخطاب الشيعي!

الخميس - 13 أكتوبر 2016

Thu - 13 Oct 2016

قال الله تعالى (يا أيها الذين آمنوا عليكم أنفسكم لا يضركم من ضل إذا اهتديتم إلى الله مرجعكم جميعا فينبئكم بما كنتم تعملون)، وقال (لكم دينكم ولي دين)، ففي الآيتين وغيرهما عميق الدلالة على التعايش مع أي مكون بشري يعتقد غير ما يعتقد الآخر، والمجتمعات التي تمثلت معنى الآيتين من مسلمين وغير مسلمين تعيش اليوم بسلام واستقرار، وقد عاشها أسلافنا تقريبا، لكن منطقتنا اليوم لا تعيشها البتة، فالطائفية تفتك بكل المكونات العربية والإسلامية، حتى داخل الطائفة الواحدة.



منذ قيام النظام الخميني في إيران، والخطاب الطائفي يتعالى، ويتعاظم، وأصوات الحكماء والعقلاء من أبناء المذهبين (السني/ والشيعي) تنخفض تحت فحيح الفتنة الصاخبة، أما اليوم فقد ولت مرحلة التعاظم، وبدأ التفجر الدموي الرهيب، والمتأمل في مآسي الشعبين العراقي والسوري يدرك أنه تفجر عنيف جدا، بل (وحشي جدا)، وقد تنازل أبناء الوطن واللغة والأرض والدم عن كل مشتركاتهم، وشرعنوا قتل بعضهم البعض بلا رحمة.



لا أدري اليوم بأي حق يباد (السنة) في العراق، فهل يبادون بجريرة حرب الثماني سنوات ضد النظام الإيراني، أم بجريرة حزب البعث، أم بجريرة انتماء داعش وأضرابها إلى السنة زورا، أم إن ما تقدم لا يعدو مبررات كما يقول خطاب بعض غلاة الشيعة العرب ومتطرفيها وأن قتل (سنة العراق وسوريا) أصل ديني شيعي، ينتقم للحسين من أحفاد يزيد، وأن القاتل مأجور بإزهاق كل روح تتصل بالمذهب الذي انتمى إليه يزيد قبل أكثر من 1300 عام.



تغول الخطاب الشيعي اليوم، ومغالاة الكثير من قادته، إرهاب حقيقي، ناسف للمشتركات والأمل في تعايش حقيقي بين المكونين، وهذا التغول لا يقل خطره عن خطر التكفيريين، لأنه تكفيري أيضا يبيح قتل الآخر دون ذنب إلا لأنه ولد سنيا، ولا أدهى من تغول خطاب الغلاة التأجيجي التعبوي المرعب إلا صمت عقلاء الشيعة، ونخبهم المثقفة، وكأنه (التأييد)؛ لأن (الصمت عن قول الحق مساو للنطق بالباطل)، فعلماء السنة وساستها وعقلاؤها وحكماؤها ونخبها المثقفة لم يصمتوا أمام تغول الخطاب والفعل الداعشي ضد العالم كله بكل معتقداته ومذاهبه، بل شاركت الدول السنية العربية والإسلامية في التحالف الدولي لضرب داعش، واستنكار جرائمها ضد كل المكونات العقدية والعرقية، ولا نزال جميعا ندين الإرهاب.



المؤامرة التي حاكها نوري المالكي بإمرة قاسم سليماني ضد (سنة العراق) لا تخفى على أحد، فقد سمح لداعش أن تحتل ثلث العراق، خاصة المناطق السنية، فأثخنت فيهم داعش حتى استسلموا لبطشها في غياب الحامي (الحكومة العراقية المتآمرة)، التي ضحت ببعض (الشيعة) لتملأ قلوب البقية نارا وثأرا، فكونت (الحشد الشعبي) من ميليشيات المتطرفين وبعض المقهورين الموتورين، والآن نشاهد الفصول الأخيرة من المؤامرة، ظاهرها طرد (داعش) لكن باطنها (التنكيل بسنة العراق) وتقتيلهم، وربما تكون الأهداف (الإبادة أو التهجير).



لا مناص من تحرك الحكومات السنية سياسيا وإنسانيا، لإيقاف نزيف دماء الأبرياء، تحت حجج مزورة تحيكها إيران وترتديها حكومات العراق المحتلة إيرانيا، وتتجلى المؤامرة أكثر في اللغة السياسية العالمية اليوم، ما يوحي باستهداف (السنة عامة) بداية بالاحتلالات الإيرانية لدول عربية، والتقارب الأمريكي الفارسي، والحرب الروسية على السوريين، مرورا بؤتمر جروزني، وليس انتهاء بجاستا.



[email protected]