عبدالله المزهر

وما الدنيا إلا مسلخ كبير..!

سنابل موقوتة
سنابل موقوتة

الخميس - 13 أكتوبر 2016

Thu - 13 Oct 2016

بعد أن تنازل البشر عن فكرة التمثيل وحطموا خشبة المسرح وأصبحت الأمور جدّية أكثر مما كان يتوقع الممثلون لم تعد مقولة «وما الحياة إلا مسرح كبير» قابلة للحياة.



في هذا الزمن الجميل يعرف الناس أسماء الصواريخ وأنواع الأسلحة ولا يعرفون الكثير عن أنواع الورود.



ومنظر الدماء أصبح مألوفا، وأصبح الجمال مستفزا وغريبا وشاذا. وأصبحت الكائنات تتبادل صور أطفال مقطوعي الرؤوس أكثر من صور الأطفال المبتسمين التي كانوا يتداولونها من باب التحريض على التفاؤل حتى زمن قريب.



والحقيقة المؤلمة أن الجمال لم يختف من الأرض، كل ما في الأمر أنه يتم تجاهله و«غض البصر» عنه، لأن القبح أكثر إثارة وأكثر رواجا ومطلوب في «السوق» أكثر.



التفاؤل يبدو صعبا والمستقبل عصي على التخيل، فمن المتوقع ـ كما جرت العادة وكما تفعل كل الأجيال ـ أن زمن القبح الذي نعيشه الآن سيوصف للأجيال القادمة بأنه «الزمن الجميل».



ولا أتخيل كيف سيكون زمنهم أكثر قبحا وقد وصلت البشرية الآن إلى قاع ليس تحته قاع!



أظن أن أفضل ما يجب على «الإنسان» فعله هو محاولة النجاة بنفسه، أن يلوذ بالفرار ويلجأ إلى الأشياء الصغيرة التي تحيط به، أن يتشبث بلحظات السعادة الصغيرة جدا أطول فترة ممكنة وألا يفسدها بالبحث عن الهموم الكبيرة لأنها هي من ستبحث عنه وستجده حتما.



الكلمات المعطوبة التي ينطقها الأطفال، دعوة أم، انتظار صوت أحدهم، هدف فهد المولد، أشياء كثيرة كلها ملاجئ أقرب من مجلس الأمن، ومن تفاهمات السلام ومن العمليات النوعية ومن ترهات الخبراء الاستراتيجيين.



وعلى أي حال..



أتمنى ألا يكون واضحا بشكل فج أني أحاول إقناعكم بما لم أستطع فعله، وأني أخبركم بالملاجئ التي أهرب منها، وأن الكلمات لا تعيد الموتى، وأن الورد أكثر فائدة حين تأكله الحمير، وأن هذه الدنيا ليست سوى مسلخ كبير!





[email protected]