مرزوق تنباك

لماذا الصمت أيها السادة

الثلاثاء - 11 أكتوبر 2016

Tue - 11 Oct 2016

واجه الناس خلال الأسبوعين الماضيين قضيتين كبيرتين من القضايا المهمة المؤثرة التي اهتم بها المواطنون وتحدث عنها الخاص والعام وقال كل فيهما ما شاء أن يقول حتى لم يعد هناك حديث أهم منهما على الساحة الوطنية وانشغل بهما الكتاب والمثقفون والمحللون وغيرهم.



الأولى: في الداخل المحلي وهي تلك الأوامر التي صدرت فيما يتعلق بالعلاوات والبدلات وبعض المميزات الوظيفية التي تمس حياة الناس لا سيما ما يتعلق بالجانب الاقتصادي، وهو الأمر المهم بالنسبة للمواطن الذي وجد أن ما حصل من إيقاف للعلاوات والبدلات وغيرها من المزايا الوظيفية التي قد أضيفت إلى أصل راتبه منذ سنوات فأصبحت جزءا منه نزعت على حين غرة وبدون مقدمات ودون تهيئة ومراجعة دقيقة وتبرير معقول ومقنع ولم يكن من السهل مرورها ولا تجاوز أثرها على الغالبية العظمى، وهم من صغار الموظفين وأصحاب الدخل المحدود فكانت المفاجأة كبيرة ومربكة على الرغم أن الناس يتفهمون الوضع الاقتصادي العام الذي تمر به البلاد، وممكن أن يتحملوا من أجلها ما يمكن تحمله وقد تفهم الكثير منهم القرار، إذ لابد مما ليس منه بد، فلو سبق القرار شرح للظروف وبيان للوضع الاقتصادي من المسؤولين لكان وقعه أخف والقبول به ممكنا.



هذه واحدة، أما الثانية:



فهي صدور ما يسمى بقانون جاستا وما سيترتب عليه من قضايا خطيرة وسابقة في جميع أنحاء العالم عامة وللمملكة خاصة بعد صدور النظام أصبح كل يقول ما يعتقد عن هذا القانون وكل صار محللا سياسيا وقانونيا ومفسرا لبنود القرار وشارحا للخطأ والصواب فيه .



ومن حق الناس أن يهتموا بأمر يتعلق بمستقبلهم الاقتصادي والسياسي وعلاقاتهم بأكبر دولة في العالم وأقدم حليف للمملكة على مدى سبعين سنة، ولنا معها مصالح لا يمكن التفريط بها ولا تجاهل خطورتها على المستقبل للبلدين، يخوض الناس في هذين الأمرين ويتحدثون عنهما ولا يملون من ترديد السؤال عما يمكن أن تؤول إليه الأمور إذا طبق النظام وفعل في المحاكم الأمريكية وتحركت جيوش المحامين الجرارة لرفع الدعاوى باسم المتضررين من أحداث 11/‏‏ سبتمبر كما يقولون.



الغريب أن الذين أطبق عليهم الصمت هم من يطلب منهم البيان والتوضيح لما حدث ومواجهة أسئلة الناس المشروعة، لقد غاب المسؤولون وأهل العلم عن الحديث في هذين الأمرين أي أن الخطاب الرسمي الذي كان من الواجب أن يصير هو الأقوى والواضح والحاضر والمطمئن لمواجهة الأسئلة الكثيرة توشح بالصمت وفضل المسؤولون البعد عن مشاركة المواطنين همومهم.



كان الواجب عندما وجدت الحاجة لتخفيض الدخل الشهري للموظف أن يكون المسؤولون قد سبقوا القرارات إلى الناس و أوضحوا أسباب الخصم وبينوا ما تمر به بلانا من ضائقة مالية وتواصلوا مع وسائل الإعلام، وعقدوا الندوات واللقاءات وأزالوا الملابسات التي لا يعرفها عامة المتضررين من القرار حتى يصبح الناس على بصيرة من أمرهم ويكون التعاون تاما والتقبل لما مس مصروفاتهم من نقص ممكنا، وقد يجدون كل التعاطف مع الحال الذي يعيشونه مع حكومتهم وهذا ما لم يحدث بل كانت المفاجأة صادمة لهم وأكثر من ذلك صدمهم الصمت المطبق من المسؤولين والتجاهل التام وكأن شيئا لم يكن في أمر مهم يتعلق بمعاشهم ويؤثر على حياتهم، لاشك أنه غير مفهوم تجاهل الرأي العام وغير مفهوم الصمت عن أمر ينال من دخل أهم قطاع في المجتمع، وهو قطاع الموظفين مهما كانت الظروف والأحوال التي تمر بها الدولة في هذا الوقت.



الغياب الآخر غياب المسؤولين الرسميين عن ساحة الرأي العام المحلي فيما يخصنا من احتمالات ومآلات (جاستا) وهو غياب لا يصح ولا يجوز التجاهل للمواطن في قضية مثل القانون الأمريكي الذي صمم لتكون المملكة أول الدول التي قد تتضرر منه، سكت المسؤولون أيضا وتركوا الساحة العريضة للشائعات والإرجاف فيما سوف تصير إليه الأمور، وهو غياب غير مبرر ولا مقبول بأي حال، وما حصل يعد تجاهلا لأهمية الرأي العام وعدم التقدير له، والأولى أن يكون هناك توعية عامة للناس وإجابة لما يدور في المجالس من أسئلة، والمشاركة الفاعلة من المسؤولين حتى يكون الجميع على بينة من الأمر.



[email protected]