عبدالغني القش

مطبعة المصحف بالمدينة.. أوضاع مشينة!

الاحد - 09 أكتوبر 2016

Sun - 09 Oct 2016

لمجرد المعلومة - لمن تغيب عنه - فإن مجمع الملك فهد بالمدينة المنورة هو أكبر مطبعة في العالم لطباعة المصحف الشريف، وهو أحد المعالم المشرقة لحكومة هذه البلاد لخدمة الإسلام والمسلمين. وقد افتتحه الملك فهد رحمه الله عام 1405 هـ. ليصبح أحد أبرز معالم المدينة وينتج سنويا ما متوسطه عشرة ملايين نسخة، ويوزع مثلها على المسلمين، وقد أنتج أكثر من 160 إصدارا و193 مليون نسخة. ويجري المجمع دراسات وأبحاثا مستمرة لخدمة الكتاب والسنة ويضم أحدث ما وصلت إليه تقنيات الطباعة في العالم.



مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف شهد مؤخرا أحداثا تراجيدية، ومسرحيات هزلية حزينة ما إن تتخف فصولها حتى تعود للعرض مرة أخرى، في إنتاج عجيب يغلب عليه الطابع المؤلم ويغشاه التعجب ويبعث على الاندهاش.



أسئلة تلوح في الأفق، ولا مجيب، وكأن المسألة باتت مستعصية على الحل، فتجد الشكاوى تنبعث عبر صفحات الصحف المحلية، ومقاطع فيديو تنشر في برامج الجوال وعبر وسائل التواصل الاجتماعي، والمسؤولون يصمون آذانهم ويطبقون أفواههم ويغمضون أعينهم، وكأن المسألة لا تعنيهم لا من قريب أو بعيد!

ولك أن تتصور - عزيزي القارئ - أن 1300 موظف لا يعرفون مصيرهم هل هو إلى البقاء أم إلى الرحيل؛ فالتهديدات متوالية والإشاعات تملأ الآفاق.

وفي نهاية المطاف فإن قرابة 1300 عائلة يعيشون في مهب الريح ولا يعرفون مصير عائلهم، وقد مكثوا قرابة ستة أشهر بلا راتب!



الأعجب هو أنه بعد أن امتلأت الصحف بالنشر، وعرف القاصي والداني هذه الأحداث قامت إحدى الصحف المحلية بإجراء لقاء - وليتها لم تنشره - مع المسؤول الأول عن المجمع، والذي كان يحتجب عن كل وسائل الإعلام المقروءة والمرئية، ليطالب وسائل الإعلام بتحري الدقة، في تناقض عجيب؛ فوسائل الإعلام قامت بدورها ونقلت معاناة الموظفين المغلوبين على أمرهم، والقائمون على المجمع لا يتعاطون إطلاقا مع وسائل الإعلام، وقد رأيت مقطعا لإحدى القنوات الفضائية حاولت إجراء لقاء مع ذلك المسؤول لكنه - مع بالغ الأسف - أغلق الهاتف في وجه الزميل الإعلامي الذي أصيب بالدهشة وأسف كثيرا على ذلك التعاطي المشين!



ولتكون المفاجأة الكبرى بنشر إحدى الصحف أن تشغيل المجمع سيعود لذات الشركة، في إجراء استفزازي للعاملين فيه ولجميع المتابعين، ليأتي النفي من بعض المسؤولين، ولترد الصحيفة بأنها تملك الوثائق!



وتستمر فصول المسرحية.. وزارة الشؤون الإسلامية في منأى عن الأحداث، إذ لم يصدر عنها أي بيان أو توضيح، وهي المسؤولة عن المجمع، ومن المؤكد أنها ستتنصل عن المسؤولية وستظل في مأمن لعدم وجود الرقيب فضلا عن الحسيب (رسالة لهيئة مكافحة الفساد).



ويبقى المواطن هو الحلقة الأضعف - ويمثله في هذه المسرحية التراجيدية الموظف في المجمع - يتجرع الحسرة ويحتسي المرارة، ولا يشعر به أحد، وقد عمل بعضهم لأكثر من عشرين عاما ليكون مصيره في نهاية الأمر إلى الشارع!



ولا أتصور مطلقا أن أمور المجمع عصية على الحل، فهي واضحة وضوح الشمس في رابعة النهار، وإعادة الهيكلة للقائمين عليه والمسؤولين عنه من خطوات الحل، ثم إيكاله لشركة مشغلة قوية - وليس لشركة على وشك الإفلاس وتعاني أمورا لا تخفى - وتقليص دور الوزارة بشكل جذري أو إلغاؤه، إذ ثبت عدم جدواه بدليل أنها ملأت المجمع بمتقاعدين ومتعاقدين، والتشغيل الذاتي حل مطروح، فهل يجد هذا الصرح حلولا عاجلة؟!



[email protected]