حنان المرحبي

اللاجئون ليسوا عبئا.. إنما دعم للاقتصاد المحلي

الاحد - 09 أكتوبر 2016

Sun - 09 Oct 2016

تعاملت المملكة مع أزمة اللاجئين بإنسانية لا مثيل لها. ففي حين تجد الجدل محتدما بين المنظمات الإنسانية والحكومات والشعوب لتقرير الدول التي يجب أن تستقبل العدد الأكبر من اللاجئين، فتحت المملكة الحدود بلا قيود عددية، وساهمت في تسريع وتسهيل عملية اندماج اللاجئين بالمجتمع (بدلا من عزلهم في المخيمات) واحتوتهم بالخدمات الأساسية كالتعليم والصحة وفرص العمل كحال أي مقيم. يتركز الجدل الدولي حول عدد من المخاوف من بينها مخاوف دخول عناصر إرهابية وكذلك القلق من ارتفاع الأعباء الاجتماعية (مشاركة الخدمات) والآثار الاقتصادية المحتملة للبلد المستضيف (الأثر على معدلات الأجور مثلا). ولكن لا تزال الأصوات المنادية بالحاجة الإنسانية الملحة لدعم اللاجئين مستمرة وقوية.



وقد لفتني عدد من الدراسات الاقتصادية التي تؤكد على أن استقبال اللاجئين لا يسبب أعباء اقتصادية على الدول المستضيفة، بل سيعزز من الفرص الاستثمارية على المدى البعيد. ففي دراسة حديثة صدرت هذا الشهر (أكتوبر، 2016) استنتج الباحث أنه كلما يسرت الحكومة عملية الدمج الاقتصادي لللاجئين (بتمكينهم من مزاولة الأنشطة الاقتصادية كالعمل والشراء) ارتفعت المنفعة للطرفين «اللاجئين والدولة المستضيفة». وقد ذكر الباحث أن تقديم المعونات في صورة مالية هو أكثر نفعا من تقديمها في شكل أطعمة. وقد برهن ذلك بقوله إن معظم اللاجئين ينفقون المال على الأطعمة التي يشترونها من الأسواق بالمناطق المجاورة للمخيمات، وذلك يقود إلى زيادة دخل المشاريع والمزارع وكذلك السكان (ومنهم تأتي العمالة) نتيجة انتعاش الطلب، وأضاف أيضا أن اللاجئين يوفرون قوى عاملة للمشاريع الزراعية، ولن يؤثر توظيفهم على معدلات الأجور.



وذكرت الدراسة أن الدعم بالأطعمة ليس خيارا جيدا، فحاجة اللاجئين للمال تضطرهم إلى بيع الأطعمة للمحلات بأسعار منخفضة وذلك قد يؤثر سلبا على عروض الموردين ومنهم المزارعون بالمنطقة. وذكرت المراسلة Ana Swanson التي تعمل بمدونة Wonkblog المختصة بالأعمال والاقتصاد أن الآثار الاقتصادية المترتبة على استقبال اللاجئين ستكون إما إيجابية أو محايدة على المدى البعيد مستشهدة بعدد من الدراسات التي أجريت على اللاجئين بالدنمارك، وأوغندا، وكليفيلاند. تقول Ana من الطبيعي أن تكون تكاليف الاستقبال عالية لأنها تتطلب تغطية نفقات متعددة في وقت واحد كالسكن الموقت والغذاء والمساعدات اللاحقة والمتعلقة بإيجاد مساكن دائمة والتدريب للعمل. إلا أنه لا توجد دراسات تشير إلى أن لللاجئين أثرا عكسيا على الاقتصاد على المدى البعيد وإنما هناك دراسات تؤكد أن اللاجئين يخلقون فرصا استثمارية مربحة جدا.



تؤكد آراء الاقتصاديين على أن المنافع الاقتصادية الناشئة من استقبال اللاجئين لا تتحقق ما لم يتم تيسير وتعجيل عمليات الاندماج بالمجتمع، وأيضا تسهيل الإجراءات النظامية لاحتوائهم وتمكينهم من العمل.



وهذا ما قامت به المملكة، ومن المتوقع أن يسهم إخواننا السوريون واليمنيون في دعم الاقتصاد الوطني بسد الاحتياجات الوظيفية للمشاريع التي لم تغطها القوى العاملة السعودية، وإنشاء مشاريع صغيرة لا يزاولها المواطنون عادة، ونمو تلك المشاريع سيخلق فرصا وظيفية. أيضا من الممكن أن تسهم العمالة عالية المهارة والتعليم في تغطية الاحتياجات الوظيفية التي تتطلب مهارات متقدمة.



[email protected]