منظمة التعاون أم الوحدة؟!
تولى ابن المدينة المنوّرة النّابه السيد إياد بن أمين مدني قيادة منظمة التّعاون الإسلامي بعد فوز المملكة بالمنصب بالتّزكية لمدة أربع سنوات من بداية العام الهجري 1435.
تولى ابن المدينة المنوّرة النّابه السيد إياد بن أمين مدني قيادة منظمة التّعاون الإسلامي بعد فوز المملكة بالمنصب بالتّزكية لمدة أربع سنوات من بداية العام الهجري 1435.
الثلاثاء - 21 يناير 2014
Tue - 21 Jan 2014
تولى ابن المدينة المنوّرة النّابه السيد إياد بن أمين مدني قيادة منظمة التّعاون الإسلامي بعد فوز المملكة بالمنصب بالتّزكية لمدة أربع سنوات من بداية العام الهجري 1435.
وإياد مدني أول سعودي يصل إلى هذا المنصب برغم أن المملكة دولة المقر والمساهم الأكبر في دعم المنظمة، ويأتي عاشراً خلفاً للتّركي أكمل الدّين إحسان أوغلي (2005-2013)، الذي شهدت المنظمة خلال ولايته الكثير من الأحداث التي عصفت بالعالم الإسلامي والتي لم تستطع المنظمة متابعتها من كثرتها؛ بل إنها لم تستطع الوصول إلى علاج شاف للنزيف الذي أوجع الفرد المسلم من مانيمار إلى فلسطين وما بينهما من أوجاع وإخفاقات اقتصادية وسياسية واجتماعية زادت من فرقة الدول وتأخر تنمية الشعوب الإسلامية، ففي الوقت الذي كانت الشعوب الإسلامية تنتظر من المنظمة، كما يقول أحد الباحثين، بلورة سياسات مشتركة؛ وأمن جماعي؛ وتعاون فني، ملزمة لأعضائها لتلعب دوراً دولياً محورياً مؤثراً تستند فيه على ما يربط الأعضاء والشعوب الإسلامية من علاقات فريدة قابلة للاتحاد والتكامل في كيان له وزن وثقل وصوت يدوي في هذا العالم الذي لا يؤمن ولا يدين إلا للقوي.
خلال هذا الصراع العالمي المدوي كان التطلع أن تتقدم المنظمة خطوة نحو الوحدة والتكامل وليس التراجع أو التوقف، وكان الخطأ الاستراتيجي الجسيم الذّي وقعت فيه المنظمة في عهد السيد كمال الدين هو التحوّل من «التّضامن» إلى «التّعاون»، وكلمة «التعاون» لفظة بائسة ليس لها قوة ولا حيوية؛ غير قابلة للصرف؛ وكفيلة بتفريغ المنظمة من معنى التضامن والوحدة الذي سعى إلى تأصيله المؤسس الحقيقي للمنظمة الملك فيصل، رحمه الله، عندما رفع لواء التضامن الإسلامي في بداية السبعينات من القرن الماضي، وعلى ضوئه أسست المنظمة وكان الطموح إذ ذاك الوصول بها إلى كيان وحدوي قوي شامخ يتوافق مع ما لدى المسلمين من طاقة بشرية هائلة وموارد طبيعية لا تتوفر عند غيرهم من شعوب الأرض، إلا أن التحول بالمنظمة إلى المسمى الجديد جعل منها تنظيماً ترفيهياً تصرف عليه الأموال وينفق في سبيله الوقت والجهد دون الالتزام بقراراته، مما جعل صورته باهتة في نظر الفرد المسلم الذي بح صوته وهو يطالب منظمته بأن تتقدم بخطوة استراتيجية نحو الوحدة والعزة والقوة والتكامل الاقتصادي بإنشاء سوق مشتركة؛ وتشريعات لحقوق الإنسان ملزمة، وهو ما لم تنجح فيه المنظمة؛ والذي يلوح في الأفق اليوم أن الحلم قد تبخّر والآمال تلاشت وأن منظمته تسير إلى الخلف طواعية في خطوة من التراجع المخيف.
إن أول تحدٍ للأمين الجديد إياد مدني هو مدى نجاحه في إصلاح هذا التراجع الذي فرضه خطأ المسمى فتحول بالمنظمة إلى هيئة استشارية معلمة غير ملزمة؛ فهل في مقدوره، وهو ممثل البلد الأقوى في المنظمة، أن يعود بمنظمته إلى تحقيق حلم المؤسس لها في تأصيل عملي للوحدة والتضامن بمنهج ومنطلقات فعالة على غرار الوحدة الأفريقية لتصبح ثاني أكبر قوة عالمية مؤثرة مسموعة الصوت مهيبة الجانب؛ سياسياً واقتصادياً وبشرياً؟
إن أولى خطوات الإصلاح أن يحدث الأمين الجديد ثورة اندماجية حقيقية بين جميع المنظمات والهيئات الإسلامية التابعة للمنظمة وغير التابعة لها - كما هو الحال في المنظمات الدولية- فلديه منظمات وهيئات تقوق في قوتها المنظمة الأم مثل منظمة العلوم والتربية؛ مجمع الفقه؛ بنك التنمية الإسلامي وغيرها، فقوتها الحقيقية تزداد تحت لواء المنظمة الأم، وهو أقل ما تتطلع له الشعوب الإسلامية في هذه الفترة العصيبة من تاريخها.
وحتى لا نهضم كمال الدين حقه، فهو شخصية مرموقة يتمتع باحترام بالغ في العالم الإسلامي، وشخصيته النافذة ساهمت في تماسك المنظمة دون تراجع أكثر؛ ويأتي على رأس إنجازات ولايتيه قرارات مؤتمر مكة المكرمة الذي التأم بجوار البيت العتيق برئاسة وقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز؛ إضافة إلى نشاطاته المتعدّدة لحضور المؤتمرات والندوات حول العالم ليبقي على الصوت الإسلامي حاضراً، ولو في حده الأدنى؛ وآخر جهوده وأبرزها حديثه من على منصة الأمم المتحدة في الجلسة الشهيرة التي خصصت للتعاون بين المنظمة والأمم المتحدة. وهذان المؤشران؛ قرارات مؤتمر مكة؛ وفتح مجال التعاون مع المنظمة الدولية من المفاتيح المهمة التي تركها الأمين السلف لإياد مدني لإعادة روح التضامن والوحدة والقوة للمنظمة.
إن على المنظمة أن تدفع باتجاه تبادل المنافع بين دول العالم والعالم الإسلامي، فهي منظمة سياسية ويجب أن تكون كذلك بكل امتياز وليست دعوية كما يقول عنها البعض؛ ونجاحها واحترام العالم لها يبدأ من إصلاح البيت من الداخل؛ وإصلاح البيت يكون بقرارات ملزمة تعطي المنظمة المصداقية، مما يجعل أنظار العالم تتجه إليها طلباً لودها ودعمها على الأصعدة المختلفة. نهنئ الأستاذ إياد مدني وندعو له بالعون والتوفيق، وهو أقدر من يقود المنظمة في المرحلة القادمة.