محمد عبدالكريم المطيري

المعيد ومعلم الشاورما

الجمعة - 07 أكتوبر 2016

Fri - 07 Oct 2016

لفت نظري منشور في وسائل التواصل الاجتماعي يقارن بين راتب المعيد بعد القرارات الأخيرة وبين راتب معلم شاورما في مطعم مشهور حسب الإعلان عن الوظيفة، وكيف أن راتب المعيد بعد خصم البدلات الملغاة يساوي راتب معلم الشاورما بل ويزيد عليه المعلم بتأمين طبي! (مع كامل الاحترام والتقدير لكل من يسعى خلف رزقه).



ولا أرى ضررا في تساويهما فكل منهما يقدم غذاء وإن كان أحدهما للبطون والآخر للعقول. وظيفة المعيد تنافسية للغاية وتتطلب مؤهلا جامعيا ذا معدل عال والأخرى لا تتطلب كل ذلك. فقدت الوظائف الأكاديمية بالعموم جاذبيتها لدى الباحثين عن العمل. فيجب على المعيد أن يقضي ما يقارب السبع سنوات في الدراسة الأكاديمية حتى يصل لدرجة أستاذ مساعد؛ لينتهي به الأمر بـ15000 ريال وهو ما يستطيع شخص بمثل معدله اختار القطاع الخاص بديلا أن يجنيه في مدة لا تزيد على نصف مدة دراسته.



تدني المحفزات المادية مع انعدام المحفزات غير المادية من تقدير وامتنان وترقية عبء يصعب على الكاهل أن يحمله. فعلى سبيل المثال حين حصول المعيد على درجة الماجستير يفترض به أن يترقى لدرجة محاضر كحق له وكأبسط لفتة شكر وامتنان له على مجهوده، ولكن الواقع والذي يجب أن يكون متنافرا ومتناقضا كالليل والنهار، ترفض عديد من الجامعات الترقية وكأنها فوجئت بتخرجك ولم تبعثك من الأساس بحجج واهية كعدم وجود أرقام، بل ويذهب بعضهم بأبوية عجيبة ليعتقد أنه بمنع ترقيتك يحفزك لدراسة الدكتوراه والتي ستؤجل دراستها حين الترقية، والبعض الآخر يشترط أن تباشر في مقر عملك فترة قبل أن تقرر إكمال الدكتوراه، والأدهى والأمر من كل ذلك أن ينتهي بالبعض الحال أن تتم ترقيته بعد حصوله على الدكتوراه من معيد لأستاذ مساعد وكأن وظيفة المحاضر سقطت سهوا أو وضعت عبثا في السلم الأكاديمي!!



يعلق العديد آمالا كبيرة على أعضاء هيئة التدريس وهو ما يضعهم تحت ضغط كبير ليكونوا على قدر المسؤولية، فلا خلاف على دور التعليم العالي في دفع عجلة التنمية وفي رفع تنافسية الدولة على المستويين العربي والعالمي، وهو ما أدركته رؤية 2030 وتتطلع لتحقيقه، كما أن كفاءة سوق العمل تعتمد بدرجة كبيرة على جودة مخرجات التعليم العالي ومدى قدرته على تجهيز وتأهيل القوى البشرية كل في مجاله.



فمعالجة الطبيب لمرضاه وإبداع المهندس في مشاريعه والاقتصادي في تحليله والإداري في مهامه والسياسي في قراءته للأحداث، رهينة بهذا التأهيل. سقف التوقعات عال مداه وتحفيز عضو هيئة التدريس ليس بحجم التطلعات.



ونتيجة الفجوة بين صعوبة المهمة وضعف تأثير الدافع هو فقدان هذه الوظائف لجاذبيتها، وبذلك يقل إقبال المؤهلين السعوديين عليها فيحل التعاقد بديلا وهو خيار أكثر إرهاقا من الناحية المادية، وأقل حرصا على جودة المخرج التعليمي، فالحافز المادي هو المحرك وإرضاء المدير يأتي في قمة الأولويات ولو على حساب العمل ذاته إلا من رحم الله.



إن كان دافع القرارات الأخيرة ترشيد الإنفاق حتى تنجلي الغمة ونتجاوز الأزمة فلا ضرر، فمطالبنا أنانية للغاية في سبيل ما تقتضيه المصلحة العامة، وإن كان الأمر تنظيميا فنحن نتفق بأن إلغاء هذه البدلات قرار حتمي لا بد منه، ولكن نطالب بإعادة هيكلة الرواتب وزيادة الراتب الأساسي حتى لا ينتهي بنا الأمر معلمي شاورما. أعيدوا لهذه الوظائف هيبتها وجاذبيتها حتى توازي حدة تنافسيتها وترتقي لسقف التطلعات.