أحمد الهلالي

مرحى عكاظ النور بنت الفيصل!

الجمعة - 07 أكتوبر 2016

Fri - 07 Oct 2016

لا يترجل الفارس إلا حين يبلغ طموحه، فكيف إن كان الفارس شاعرا وفنانا وقائدا ملهما، كيف إن كان سيفا دائما خالدا فيصلا، هذا الرجل الذي ما حل بأرض إلا استنطقها، حتى تصير أهزوجة حياة في حجرها ومدرها وشجرها، أما إنسانها فحكاية خالدية أخرى، اسألوا عنه (أبها) بمفتاحتها وسودتها ومدنها وقراها، واسألوا مكة ببيتها العتيق، وجدة بكورنيشها ووليدها (معرض الكتاب)، ثم أقيموا صدور سؤالاتكم على جبين المصيف الأول، وجوسوا خلال أوردة (عكاظ)، سليلة النابغة وحسان والخنساء والأعشى وقس ابن ساعدة، وحين تقفون على ذاكرتها، عددوا الهالات المضيئة التي أفردتها (للفيصل خالد) وحده، وتأملوا كيف احتجب كل المضيئين خلف وهج هذا الرجل الرجل، الذي استطاع (عسف المهرة اللي تغلا).



بلغ الفيصل الطموح مؤسسا دؤوبا لعشر عكاظيات سمان، بناها لبنة لبنة، في مكانين متلازمين متصلين، جغرافيا المكان، وجغرافيا الإنسان، فامتدت مبسوطة ككف الكريم على صدر (العرفاء)، وسمقت أنفا عربيا شامخا في كل ذات عربية تؤمن بالوطن والتاريخ والثقافة والعروبة والإنسان، وتسامت قصيدة في حنجرة الحلم، ألفاظها التاريخ العريق، ومعانيها المستقبل المضيء، يتناغم في جرسها الأنيق الشاعر والفنان والخطاط والممثل والمؤرخ والناقد والكاتب والفارس والراقص والعازف والآثاري والحرفي إلى (بائعة) الحصير، فيكون الجرس سيمفونية مزن خالدة في روح الوطن، تقاوم التصحر والمحل، وتدفع الحياة سهلا في كبد الوعورة والحَزن.



ترجل الأب، بعد أن أجال عينيه الصقريتين في احتشاد الخُطاب، والتفت إلى بهاء ابنته الفاتنة، تابع امتدادات ضيائها العالية، نظر إليها أخرى فأقسم ألا تضع كفها إلا بكف عليا تستحقها، كف رجل مغرم بالعلو والسمو والتحليق، فكانت كف (سلطان بن سلمان) رائد الأعالي الأول، رآه يحملها عاليا، يبسط ضياءاتها، ويحلق بها في أكوان عليا، وفضاءات مدهشة، فسلمه الراية، تقول ابتسامته «من ثقة إلى ثقة، استودعك ابنتي العظيمة عكاظ».



تسلم الرائد الراية، قبل (عكاظ) بين عينيها، وهو الثقة والشريك الأساسي، إلا أن المدى يسمع بين خفقاته صوتا مهتما يقول: «لقد حملتني ثقيلا، وألزمت عنقي صقر التحدي، وموعدنا النسخة الحادية عشرة من النور».



شكرا خالد الفيصل، شكرا إمارة منطقة مكة المكرمة، شكرا لكل الجهات ومبدعيها (محافظة الطائف وجامعتها وأمانتها وناديها وجمعيتها وسياحتها وفروسيتها ورجالاتها ونسائها وكل الجهات الحكومية والأهلية التي شاركت) وستظل تشارك في زخرفة عكاظ بالنور المسطر، مع الرائد الممتد إلى عنان العلياء.



وقبل الختام/ تحتدم في أعماقي أمان شتى، كلها ترى عكاظ تعرج في النور بالنور، وفي العلياء بالحياة والفن والشعر والاختلاف والريادة، لكن أمنية دافئة شديدة التوهج في صدري، تتقافز كالطفلة الجميلة، وتقسم أن أقولها قبل كل أخواتها، وهل أملك أمام جمال الطفولة إلا الطاعة:



«عكاظ الحادية عشرة، تطمح أن يجلس والدها المؤسس على جبين ليلتها الأولى شاعرا ينثر دره ويصوغ حليها من بنات مزنه، بعد أن غذاها بفكره وعرقه، حتى رأى طفلته ناضجة الفتنة». والسلام.

[email protected]