عبدالله الجنيد

الوثيقة السرية رقم PSD11

الخميس - 06 أكتوبر 2016

Thu - 06 Oct 2016

نشر النائب الأمريكي السابق ورئيس لجنة الاستخبارات في مجلس النواب الأمريكي حينها (1993 إلى 2011 ) السيد بتي هوكسترا Pete Hoekstra رأيا في الواشنطن اكزمينر Washington Examiner بتاريخ 3 أكتوبر الجاري تناول فيه حقيقة الاستراتيجية الأمريكية في عموم العالم العربي والتي تم وضعها في عام 2010 من قبل الرئيس أوباما ووزيرة خارجيته حينذاك السيدة هيلاري كلينتون. تلك الوثيقة خرجت تحت مسمى «الدراسة الرئاسية التنفيذية 11/Presidential Study Directive-11»، ويرمز الرقم 11 إلى توقيت تنفيذها، أي عام 2011 بما عرف لاحقا بالربيع العربي.



النائب السابق هوكسترا تناول تلك الوثيقة انطلاقا من «عدم اللامبالاة أو الإحساس بأي مسؤولية لمآلات تلك الاستراتيجية العبثية، وتحديدا فيما وظف من أدوات لأجل تحقيقها».



هنا نحن نتحدث عن شهادة رئيس إحدى اللجان الرئيسية المختصة في مجلس النواب وليس اجتهادا افتراضيا، حيث تناول تبعاتها سياسيا وأخلاقيا. أما نحن، فيجب أن نتناول تبعاتها القانونية أولا والأضرار المترتبة عليها في كل الدول العربية المستهدفة. أما في الجانب السياسي والأخلاقي فيجب أن تساءل الإدارة الأمريكية فيما وظفت من أدوات في تنفيذ تلك الاستراتيجية. فقد ذهب النائب إلى ما قارب «اتهام» الرئيس حسب تلك الوثيقة باستخدام الإخوان المسلمين، بالإضافة لجماعات منتمية للقاعدة كأدوات تنفيذية لها من العراق إلى سوريا، ومن مصر إلى ليبيا مرورا بتونس ناهيك بالطبع عن استخدام نفس الأدوات في دول الخليج العربي.



ما شدد عليه رئيس لجنة الاستخبارات النائب السابق هوكسترا هو تعاظم دور «داعش» ميدانيا في كل من العراق وسوريا وانتقاله إلى شمال أفريقيا واليمن دون أي شكل من أشكال مقاومته فعلا في حين أن السياسة الخارجية الأمريكية تقوم على «مكافحة الإرهاب» (سبق وتناولت ذلك في مقال سابق تحت عنوان داعش المتدحرجة). فهذا التضارب بين الموقف الرسمي والفعلي للإدارة الأمريكية والذي ظل مبهما نسبيا بالنسبة للرأي العام الأمريكي نزولا عند رأي الرئيس بعدم وجوب انخراط الولايات المتحدة في نزاعات خارجية في مناطق نزاع تقليدية كان مقنعا للرأي العام الأمريكي حينها. خصوصا بعد خسائرها البشرية والاقتصادية جراء غزو العراق. وهذا تحديدا ما ارتكزت عليه تلك الاستراتيجية من وجهة نظري الشخصية. فالرأي العام الأمريكي فقد أي قابلية في دعم أي سياسة خارجية تقوم على التدخل العسكري بعد إصابة ما تجاوز عشرات الآلاف من الجنود الأمريكان بإعاقات دائمة (عضوية أو نفسية ) جراء غزو العراق وأفغانستان. فكان من السهل استثمار ذلك في تنفيذ PSD11. وللاستدلال على ذلك تورط حليفان للولايات المتحدة الأمريكية في احتضان جبهة النصرة (جفش لاحقا والقاعدة سابقا). فبيعة زعيم جفش (جيش فتح الشام) أبو محمد الجولاني لزعيم القاعدة أيمن الظواهري ما زالت قائمة. واحتضان نفس الحليفين لتنظيم الإخوان الدولي ومشتقاته المحلية عربيا وتوفير كامل الدعم المعنوي والمادي لها ما زال قائما إلى يومنا هذا.



تلك العلاقة تجلت بشكل أوضح في ليبيا تحديدا بعد التدخل الدولي تحت دواع إنسانية لإنقاذ الشعب الليبي من جرائم وفظاعات ما قام به نظام القذافي في قمع الليبيين. فقد وقتت الولايات المتحدة ذلك التدخل ليكون في أقصى صوره الدرامية بعد بلوغ قوات القذافي مشارف بنغازي معقل انطلاق الثورة. وكان أول قرار اتخذ بعد الإطاحة بالقذافي رفض طلب السلطة الموقتة جمع السلاح لإعداد ليبيا للانتقال السياسي. بل إن حليفي الولايات المتحدة قاما بتشكيل أحلاف غريبة بين الإخوان وقيادات سابقة في القاعدة مثل عبدالحكيم بالحاج. فكانت النتيجة هجوما دمويا على قنصلية الولايات المتحدة في بنغازي في 2012 من قبل تنظيم القاعدة، تسبب في مقتل السفير الأمريكي كريس ستيفنز وثلاثة دبلوماسيين آخرين. قاد ذلك الهجوم المتطرف أحمد أبو ختالة (ألقي القبض عليه لاحقا في يونيو 2014 في عملية قامت بها قوات خاصة أمريكية خارج بنغازي). والرأي العام الأمريكي يرغب حتى الآن في مساءلة وزيرة الخارجية السابقة السيدة كلينتون عن مسؤوليتها المباشرة أو غير المباشرة في تقصير وزارتها عن تقديم أي دعم عسكري للبعثة الدبلوماسية الأمريكية في بنغازي أثناء الهجوم الذي نفذته القاعدة بقيادة المدعو أحمد أبوختالة.



إن ما كشف عنه النائب (السابق) هوكسترا يوجب ضرورة الاستقصاء القانوني والمطالبة بالكشف عن تلك الوثيقة السرية PSD11 باستخدام «قانون حرية المعلومات Freedom of Information Act» لاستخدامه في مقاضاة الولايات المتحدة الأمريكية وتحميل الإدارة الحالية المسؤولية السياسية والقانونية عما نتج عن اعتمادها تلك الاستراتيجية الكارثية وغير الأخلاقية في كل من: سوريا، والعراق، وليبيا، وتونس، والبحرين، واليمن. بل ويجب على كل البعثات الدبلوماسية لهذه الدول وأي دولة أخرى تعرضت أو أحد مواطنيها لأي ضرر البحث في إقامة دعاوى قضائية فورا قبل أن تدخل أية تعديلات على قانون جاستا قد تمنع ذلك.



[email protected]