من مات مدهوسًا فهو مثقف!!

بعد النسيان
بعد النسيان

الخميس - 06 أكتوبر 2016

Thu - 06 Oct 2016

ما زالت ظاهرة (الدهس) تتصاعد؛ ففي الرياض وحدها هناك نحو (50) حادثة يوميًا! والسبب الرئيسي هو أن الشوارع لم تراع في تصميمها وجود بشر يمشون على الأرض!!

ولم يكن المأسوف على شخصيته الظريفة (صالح المنصور) أول مثقف يقضي مدهوسًا، كالدكتور (محمد كامل خطاب) المذيع التلفزيوني الشهير، وأستاذ الإعلام في جامعتي الملك سعود، والإسلامية بالمدينة المنورة، وقد توفي ـ رحمه الله ـ في المدينة سنة (2001)!!



أما بغير الدهس فقد قضى مؤخرًا المؤرخ القدير الدكتور (عبدالله العسكر)، عضو مجلس الشورى، وقبل عامين توفي أستاذ اللغة العربية بجامعة الملك سعود الدكتور (عوض القوزي)؛ إثر اصطدامه بجمل سائب في طريق (الليث ـ جدة)، الذي لم يطرأ عليه تغيير يحد من خطورته إلى اليوم!!



وعلى الصعيد العالمي فقد قضى الناقد والفيلسوف اللغوي الفرنسي (رولان بارت 1980) في حادثة دهس من سيارة البلدية! وقبله الأديب والضابط الإنجليزي الشهير (لورنس العرب 1935) بانقلاب دراجته النارية!!



ورغم أن أرواحهم ليست أغلى من بقية البشر؛ إلا أن القاسم المشترك بينهم جميعًا هو العمل في المجال الفكري؛ ما يجعل فرضية (السرحان) واردة بقوة!



وكان التفكير والانهماك فيه سبب وفاة (الخليل بن أحمد الفراهيدي 173هـ)، وهو العقل العربي (الوحيد) الذي يصدق عليه وصف (العبقري)؛ لما أنجزه في اللغة والموسيقى العربية!

وكانت لديه جارية تخدمه، وتشتري ما يحتاجه من البقالة، لكنها تتعرض للنصب والاحتيال من الباعة لصغر سنها، وقد أشفق عليها حين قابلته ـ وهو في طريقه لأداء صلاة العصر ـ باكيةً مقهورة تشعر بأنها غبية؛ لتكرار ضحكهم عليها!



فما كان من (الخليل) إلا أن طيب خاطرها، ومسح دموعها، ووعدها بأن يخترع لها طريقة حسابية تجعلها أذكى منهم جميعاً!

ودخل المسجد وصلى وهو مستغرق في الفكرة (الطااااازة)؛ وما إن انتهت الصلاة حتى نهض بسرعة ـ وكأنه على وشك أن يصرخ صرخة (أرخميدس): وجدتها!! ـ لكنه ارتطم بأحد أعمدة المسجد؛ فوقع مغشيًا عليه، ومات بعد أيام قليلة!!



وإذا عرفت أن (رولان بارت) كان منهمكًا في تحليل أبيات (عدنان جستنية)! وأن (لورنس) يخطط لـ(سايكس بيكو) جديدة! ففيمَ تتوقع أن (صالح المنصور) كان منهمكًا في محاولة فهمه، من عشرات المآسي اليعربية ؟!!



[email protected]