عبدالله المزهر

حمد ..!

سنابل موقوتة
سنابل موقوتة

الخميس - 06 أكتوبر 2016

Thu - 06 Oct 2016

وأنت تجلس في مقهى أو تسير في الطرقات وتتأمل وجوه الناس أحيانا وتتجاهل النظر إليها في أحيان أخرى فأنت تنظر إلى بشر لم تحن الفرصة لتعرف ما هو أبعد من مجرد التأمل في وجوههم.



قد يكون من بين الوجوه التي تتأملها وجه يحمله أكثر إنسان يمكن أن تلتقيه سفالة وانحطاطاً، ولكن الفرصة لم تتح بعد ليراه الناس كما هو. وقد يكون مجرما لم يحن الوقت بعد لارتكاب جريمته الأولى.



وقد يكون إنسانا عظيما وبطلا مُخلصا لكن الوقت لم يحن بعد لتعرف أيها المتأمل أنه كذلك!

حمد مسلم الشمري مجرد إنسان من ملايين الناس العاديين، يعمل في الهلال الأحمر، لو مرّ من أمام ناظريك كل يوم لم يعن ذلك لك أي شيء. وستنسى وجهه في زحمة الوجوه.



قبل دقائق من انحراف الشاحنة ـ كما تفعل دائما ـ عن مسارها كان حمد مجرد واحد مثل غيره من الكثيرين الذين نجهلهم، ولا يعنون أي شيء حين نلتقيهم مصادفة. من أولئك الذين يعملون ويحبون عملهم ويحبون الناس دون انتظار مقابل من أحد.



كان حمد يسعف مصابين في حادث سير، وشاء الله أن يكون آخر عمل يقوم به حمد خارج أوقات عمله الرسمي هو ما كان يقوم به طيلة سنوات من خلال عمله.

عرفه الناس بعد الحادث، وبعد أن كف عن الوجود وعن تقديم يد العون للآخرين، عرفوه متأخرين كثيرا. وهذه طبيعة الأشياء والناس.



حين تسببت الشاحنة المارقة في موت حمد لم يكن يقوم بعمل غير معتاد بالنسبة له، كان يقوم بعمله اليومي الذي مارسه وأحبه لكننا لم نعرفه ونحبه إلا بعد أن توقف عن كل شيء.

وكم بيننا الآن من حمد مخلص ومتفان في عمله وفي محبة الناس الذين لا يعرفهم، لكنهم لن يعرفوه الآن، وسيعرفونه كثيراً حين لا يعود بمقدورهم أن يقولوا له شكرا ولا بمقدوره أن يسمعها. رحم الله حمد وجبر قلوب أهله ومحبيه.



[email protected]